مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة [عن الإمامة في صلاة النوافل]

صفحة 606 - الجزء 1

  وإلا فلم يكن الحكم يوجبه؛ لأن مباينة الفرض للنفل أبعد من مباينة الفرض للفرض، وقد تقرّر أن صاحب فرض لا يؤم صاحب فرض آخر، فكيف بصاحب النفل يأتم بصاحب الفرض! فلما خصّه الدليل أقرّ مكانه، والأصل في الشرعيات أن أكثر أدلتها أمارات تؤدي إلى غالب الظن، فإذا اتفق جمهور العترة $ على قول كانت غلبة الظنّ بصحته أقوى فلا يعدل عنه، فإن أجمعوا كانت حجة لا يجوز خلافها.

  فأما صلاة التراويح فلا شك أن أهل البيت $ لا يرون بها وما هي (عندهم)⁣(⁣١) إلا بمنزلة النوافل، فإن أشار فيها علي # برأي فهي مصلحة للمسلمين كما كان يشير في الأمور التي أخطئوا في أصولها، فأشار عليهم بما يكون أحمد عاقبة في فروعها، وإلا فهو # لم يكن تعبدها ولا الصالح من أهل بيته، والمأثور عنه وعنهم صلاة الخمسين ولم يذكر فيها الإمامة، ولما فعلوا باجتهادهم بصّرهم طريقة تصلحه لا أنه # يعتمده.

  فأما من أوجب على نفسه شيئا من النوافل فهو لا يطلق عليه الفرض ولا الواجب؛ لأن ذلك يختصّ بما يكون من قبل الله سبحانه أو في حكمه؛ لأن ما يوجبه الإنسان على نفسه وإذا ائتم به غيره كان مخالفا له في نيته، وإن أوجب مثل ذلك على نفسه فلم يرد الشرع بمثله، وليس لنا أن نستحدث أنواع العبادات ولا صورها؛ لأنها غيوب ومصالح، فلا يؤمن مواقعة المفسدة والقبائح، كمن يلزم نفسه عبادة يخترعها عشرين ركعة متصلة يسلم في آخرها مثلا عشر تسليمات، فهي وإن كانت جنس العبادة فلم يأت بها أثر، فكذلك صلاة النوافل، الإمامة فيها لا تجوز إلا حيث ورد به الأثر.


(١) زيادة في (ب).