مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

المسألة الأولى [هل هناك دار للفسق]

صفحة 65 - الجزء 1

  الجواب عن ذلك وبالله التوفيق: أنا نقول بإثبات دار ثالثة بين دار الكفر ودار الإسلام، ونسميها دار الفاسقين، وقد قال بذلك أعني التسمية من أهل العلم أبو علي الجبائي⁣(⁣١) ومن اتبعه من أهل العلم، ولو لم يقل به لم يستوحش مع البراهين إلى أحد، لأنا نسأل السائل: لم قيل في دار الكفر دار الكفر؟ ولم قيل في دار الإسلام: دار الإسلام؟ فإن قيل: ذلك من أسماء الأعلام كذّبه جميع أهل المعرفة من الأنام، لأن لنا أن نغير الاسم العلم واللغة بحالها فنسمي زيدا بعمرو، وعمرا بزيد، ولا يختل المعنى، ولا يصح ذلك فيما نحن بصدده؛ لأنا لو سمينا دار الكفر دار الإسلام لم يجز، وإن قال الغلبة الكفر في ذلك كما أنا نعلم أن مكة حرسها الله حرم الله، ومهبط وحيه، كانت في حال غلبة الكفر عليها دار حرب وكفر، فلما غلب الإسلام عليها، فصارت بحبوحة دار الإسلام حمى الله، فلما أصبت في قولك، ونحن ما سمينا دار فسق إلا لغلبة الفسق فيها ولا دار الفاسقين، فأما أموال هذه الدار ونساؤها وذراريها فلها حكم بين الحكمين، كما أن لها اسم بين الاسمين، وهو أن الأموال موقوفة على رأي الإمام إن شاء أباحها، وإن شاء حضرها، فإن أباحها حلت، وإن حضرها حرمت، كما فعل علي # في أموال أهل الجمل والنهر بالبصرة، والنهروان، وكما فعل بمال المحتكر في الكوفة، فإنه قسم ماله نصفين، فحرق نصفه وأمر بنصفه إلى بيت المال، وقال: لو ترك لي علي مالي لربحت مثل عطاء أهل الكوفة.


(١) هو: أبو علي محمد بن عبد الوهاب بن سلّام بن زيد بن أبي السكت الجبائي [٢٣٥ - ٣٠٣ هـ] من أعلام المعتزلة. انتهت إليه رئاستهم، وهو متكلم، مفسر، له من الكتب (تفسير القرآن) وإليه تنسب الطائفة الجبائية، مولده بجبّى بخوزستان، ووفاته بالبصرة ودفن بجبّى، انظر معجم رجال الاعتبار وسلوة العارفين (تحت الطبع)، رجال الأزهار ٣٥، لسان الميزان ٥/ ٣٠٧.