السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

الأول: بناء الملائكة $

صفحة 29 - الجزء 1

  قال: بيت المقدس.

  قال: قرأت الكتابين - يعني: التوراة، والإنجيل -.

  قال: نعم.

  قال⁣(⁣١): يا أخا الشام، احفظ عني ولا ترو عني إلا حقاً، أما بدء هذا الطواف فإن الله قال للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}⁣[البقرة: ٣٠]، قالت الملائكة: أي رب أتخلق غيرنا ممن يفسد فيها، ويسفك الدماء، ويتحاسدون، ويتباغضون؟ اجعل ذلك الخليفة منَّا فنحن لا نفسد فيها، ونحن نسبح لك⁣(⁣٢) ونقدس لك، فقال الله تعالى: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}⁣[البقرة: ٣٠] قال: فظنت الملائكة أنما قالوا رداً على ربهم، وأنه قد غضب عليهم، فلاذوا بالعرش، ورفعوا رؤوسهم يتضرعون إشفاقاً من غضبه، وطافوا بالعرش ثلاث ساعات، فنظر الله إليهم، ونزلت الرحمة عليهم، ووضع الله سبحانه تحت العرش بيتاً وهو البيت المعمور على أربعة أساطين، وقال للملائكة: طوفوا بهذا البيت، فطافت⁣(⁣٣) الملائكة بهذا البيت، ثم إن الله تعالى بعث ملائكة، وقال لهم: «ابنوا لي بيتاً في الأرض بمثاله وقدره»، وأمر الله سبحانه وتعالى من في الأرض أن يطوفوا بهذا البيت كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور، فقال الرجل: صدقت يا ابن بنت رسول الله، هكذا كان.

  قال النهروالي: وهذا يدل على أن بناء الملائكة $ كان بعد خلق الأرض، قال: وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن العباس الفاكهي المكي في (أوائل تاريخ مكة): حدثني عبد الله بن أبي سلمة، قال: حدثنا الواقدي، قال: حدثنا ابن جريج، عن بشر بن عاصم الثقفي، عن سعيد بن المسيب، قال: قال علي بن


(١) قال، سقط من (ب).

(٢) في (ب): ونحن نسبح بحمدك.

(٣) في (ب): فطاف.