الثامن: بناء قريش
  يكونون بها نهاراً، فإذا أمسوا خرجوا إلى الحل، ولا يستحلون الجنابة بمكة، فلما جمع قصي قومه إليه أذن لهم أن يبنوا بمكة بيوتاً وأن يسكنوها، وقال لهم: إنكم إن سكنتم الحرم حول البيت هابتكم العرب، ولم تستحل قتالكم، ولا يستطيع أحد إخراجكم، فقالوا: أنت سيدنا، ورأينا تبع لرأيك، وفي ذلك يقول الشاعر:
  أبوكم قصي كان يدعى مجمّعاً ... به جمَّع الله القبائل من فهر
  وأنتم بنو زيد وزيد أبوكم ... به زيدت البطحاء فخراً على فخر
  فابتدأ هو، فابتنى دار الندوة، وكانوا يجتمعون فيها للمشورة وغيرها، فلا تنكح امرأة ولا يتزوج رجل من قريش إلا فيها، وقسم جهات البيت الشريف بين طوائف قريش، فبنوا دُورهم حول الكعبة الشريفة من جهاتها الأربع، وتركوا للطواف ببيت الله تعالى مقدار المطاف في القديم(١)، ويقال: إنه المفروش الآن حول البيت الشريف بالحجر المنحوت المسمى بالمطاف الشريف، وشرعوا أبواب بيوتهم إلى نحو البيت الشريف، وتركوا مابين كل بيتين طريقاً منه ينفذ إلى المطاف، إلى أن زاد عمر في المسجد الحرام، وتبعه عثمان، وتبعهما غيرهما كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
الثامن: بناء قريش
  قال النهروالي، حاكياً عن الشيخ محمد الصالحي: إن امرأةً جمَّرت الكعبة بالبخور فطارت شرارة(٢) من مجمرها في ثياب الكعبة، فاحترق أكثر أخشابها، ودخلها سيل عظيم، فصدَّع جدراتها، فأرادوا أن يشدوا بنيانها، ويرفعوا بابها حتى لا يدخلها إلا من
(١) في (ب): بالقدم.
(٢) في (ب): شرارها.