السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[وفد ثقيف]

صفحة 81 - الجزء 1

  مشورتهم، وهو عبد المسيح رجل من كندة، وأبو الحارث بن علقمة وهو رجل من ربيعة، وهو أسقفهم وحبرهم، ومعه أخوه كرز، وأبو الحارث هذا هو إمامهم، وصاحب مدارسهم، وله فيهم قدر ومنزلة، قد شرَّفه ملك الروم، واتخذوا له الكنائس، والثالث السيد وهو صاحب رحلتهم، ففصلوا من نجران، وأخو أبي الحارث على بغلة له فعثرت، فقال: تعس الأبعد! يعني النبي ÷، فقال أخوه أبو الحارث: بل تعست أنت! أتشتم رجلاً من المسلمين، إنه للنبي الذي كنَّا ننتظر، قال: فما يمنعك أن تتبعه وأنت تعلم هذا منه، قال: شرَّفنا القوم وأكرمونا وأبوا علينا إلا خلافه، ولو اتبعته لنزعوا كل ما ترى، فأعرض عنه أخوه، وهو يقسم بالله لا يثني له عناناً حتى يقدم المدينة على النبي ÷، فقال له أخوه أبو الحارث: مهلاً! يا أخي، فإنما كنت مازحاً، قال: وإن كنت مزحت، ثم مرَّ يضرب بطن راحلته، وهو يقول:

  إليك تعدو قلقاً وضينها⁣(⁣١) ... معترضاً في بطنها جنينها

  مخالفاً دين النصارى دينها

  فقدم على رسول الله ÷ وأسلم⁣(⁣٢).

[وفد ثقيف]

  ثم وفد عليه وفد ثقيف بعد مرجعه من تبوك، فضرب لهم قبةً في ناحية مسجده فأسلموا، وأمَّر عليهم ÷ عثمان بن العاص الثقفي، وهو من أصغرهم سناً؛ لما رأى من حرصه على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن⁣(⁣٣).


(١) الوضين: الحزام.

(٢) ورواه أيضاً الحاكم في تنبيه الغافلين ص ٤٦ - ٤٧، وانظر سيرة ابن هشام ٢/ ١٧٣ - ١٧٤، وانظر أنوار اليقين - خ - ١/ ٢٩٦ - ٢٩٧.

(٣) ابتسام البرق - خ -، وعن وفد ثقيف انظر سيرة ابن هشام ٤/ ١٢١ - ١٢٤، وتأريخ الطبري ٢/ ٣٦٣، والجزء الثاني من سفينة الحاكم الجشمي - خ -.