غزوة بني النضير
  ومضيت حتى أخرج على ضَجَنَان(١)، ثم أويت إلى جبل فأدخل كهفاً، فبينا أنا فيه دخل عليَّ شيخ من بني الديل أعور في غُنيمة له، فقال: من الرجل؟
  فقلت: من بني بكر، فمن أنت؟
  قال: من بني بكر، فقلت: مرحباً، فاضطجع فرفع عقيرته، فقال:
  ولست بمسلم ما دمت حياً ... ولا دان لدين المسلمينا
  فقلت في نفسي: ستعلم، فأمهلته حتى إذا نام أخذت قوسي، فجعلت سِيتها(٢) في عينه الصحيحة، ثم تحاملت عليها حتى بلغت العظم، ثم خرجت النجاء، وإذا رجلان من قريش من المشركين كانوا بعثوهما عيناً إلى المدينة، فقلت: استأسرا، فأبيا، فأرمي أحدهما بسهم فأقتله، واستأسر الآخر، فأوثقته رباطاً، وقدمت به المدينة، هكذا ذكره ابن هشام(٣)، قال(٤): ولم يذكر هذه السرية ابن إسحاق(٥).
غزوة بني النضير(٦)
  ثم كانت غزوة بني النضير، في ربيع الأول، على رأس سبعة وثلاثين شهراً من الهجرة.
(١) ضجنان بالتحريك ونونين، ذكره ياقوت في معجمه ٣/ ٤٥٣، وقال فيه: قال أبو منصور: لم أسمع فيه شيئاً مستعملاً غير جبل بناحية تهامة يقال له: ضجنان، ولست أدري مم أخذ، ورواه ابن دريد بسكون الجيم، وقيل: ضجنان: جبيل على بريد من مكة، وهناك الغميم في أسفله مسجد صلى فيه رسول الله ÷، وله ذكر في المغازي، وقال الواقدي: بين ضجنان ومكة خمسة وعشرون ميلاً. انتهى.
(٢) سِية القوس بالكسر مخففة: ما عطف من طرفيها وجمعها سيات. (القاموس المحيط ص ١٦٧٤).
(٣) سيرة ابن هشام ٤/ ١٩٧ - ١٩٨، وانظر تأريخ الطبري ٢/ ٢١٦ - ٢١٨.
(٤) قال، سقط من (ب).
(٥) سيرة ابن هشام ٤/ ١٩٧، واللفظ فيه: قال ابن هشام: ومما لم يذكره ابن إسحاق من بعوث رسول الله ÷ وسراياه بعث عمرو بن أمية الضمري، فذكره.
(٦) عن غزوة بني النضير، انظر ابتسام البرق - خ -، والسفينة (ج ٢) خ، والسيرة النبوية لابن هشام ٣/ ١١٤ - ١٢٢، وتأريخ الطبري ٢/ ٢٢٣ - ٢٢٩، والكشاف للزمخشري ٤/ ٤٩٨ - ٥٠٧.