قدومه ÷ المدينة
  الشاة وحلبها لبناً كثيراً، وهي حافل(١)، في سنة مجدبة ما بهر عقلها، ويقال: إنها ذبحت لهم شاة وطبختها، فأكلوا منها، وسفَّرتهم منها بما وسعت سفرتهم، وبقي عندها أكثر لحمها(٢)، وقالت أم معبد: لقد بقيت الشاة التي مسح رسول الله ÷ على ضرعها إلى عام الرمادة، وهي سنة ثماني عشرة من الهجرة، فكنَّا نحلبها صبوحاً وغبوقاً(٣)، وما في الأرض قليل ولا كثير(٤).
  وكان المهاجرون قد استبطأوا قدوم رسول الله ÷، وبلغ الأنصار مخرجه من مكة وقصده إياهم، فكانوا كل يوم يخرجون إلى الْحَرَّة ينتظرونه، فإذا اشتد الأمر عليهم رجعوا.
قدومه ÷ المدينة
  فلما كان يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول على الصحيح على رأس ثلاث عشرة سنة من المبعث، وافى رسول الله ÷ المدينة حين اشتد الضحى، ونزل إلى جانب الحَرَّة، وقد عاد المهاجرون والأنصار بعدما انتظروه على عادتهم، وكان أول من بصر به رجل من يهود المدينة، وكان على سطح أطم(٥) له، فنادى بأعلى صوته: يا بني قيلة(٦)، هذا جدكم الذي تنتظرون(٧)، فخرج الأنصار بالمهاجرين في سلاحهم، فوافوه وهو مع
(١) أي ضرعها مليء باللبن مع أنه قد حلب منه لبناً كثيراً.
(٢) انظر المصابيح في السيرة لأبي العباس الحسني ص ١٥٩ - ١٦٢.
(٣) الغَبُوق: الشرب بالعشي.
(٤) ابتسام البرق - خ -، وعن قصة أم معبد وشاتها انظر: المصابيح لأبي العباس الحسني ص ١٥٩ - ١٦٢، والسفينة للحاكم الجشمي (ج ٢) خ.
(٥) الأطم بضمة وبضمتين: القصر، وكل حصن مبني بحجارة، وكل بيت مربع مسطح. (القاموس المحيط ص ١٣٩٠).
(٦) قيلة: هي أم الأوس والخزرج.
(٧) في (ب): تنظرون.