السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

قدومه ÷ المدينة

صفحة 72 - الجزء 1

  الشاة وحلبها لبناً كثيراً، وهي حافل⁣(⁣١)، في سنة مجدبة ما بهر عقلها، ويقال: إنها ذبحت لهم شاة وطبختها، فأكلوا منها، وسفَّرتهم منها بما وسعت سفرتهم، وبقي عندها أكثر لحمها⁣(⁣٢)، وقالت أم معبد: لقد بقيت الشاة التي مسح رسول الله ÷ على ضرعها إلى عام الرمادة، وهي سنة ثماني عشرة من الهجرة، فكنَّا نحلبها صبوحاً وغبوقاً⁣(⁣٣)، وما في الأرض قليل ولا كثير⁣(⁣٤).

  وكان المهاجرون قد استبطأوا قدوم رسول الله ÷، وبلغ الأنصار مخرجه من مكة وقصده إياهم، فكانوا كل يوم يخرجون إلى الْحَرَّة ينتظرونه، فإذا اشتد الأمر عليهم رجعوا.

قدومه ÷ المدينة

  فلما كان يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول على الصحيح على رأس ثلاث عشرة سنة من المبعث، وافى رسول الله ÷ المدينة حين اشتد الضحى، ونزل إلى جانب الحَرَّة، وقد عاد المهاجرون والأنصار بعدما انتظروه على عادتهم، وكان أول من بصر به رجل من يهود المدينة، وكان على سطح أطم⁣(⁣٥) له، فنادى بأعلى صوته: يا بني قيلة⁣(⁣٦)، هذا جدكم الذي تنتظرون⁣(⁣٧)، فخرج الأنصار بالمهاجرين في سلاحهم، فوافوه وهو مع


(١) أي ضرعها مليء باللبن مع أنه قد حلب منه لبناً كثيراً.

(٢) انظر المصابيح في السيرة لأبي العباس الحسني ص ١٥٩ - ١٦٢.

(٣) الغَبُوق: الشرب بالعشي.

(٤) ابتسام البرق - خ -، وعن قصة أم معبد وشاتها انظر: المصابيح لأبي العباس الحسني ص ١٥٩ - ١٦٢، والسفينة للحاكم الجشمي (ج ٢) خ.

(٥) الأطم بضمة وبضمتين: القصر، وكل حصن مبني بحجارة، وكل بيت مربع مسطح. (القاموس المحيط ص ١٣٩٠).

(٦) قيلة: هي أم الأوس والخزرج.

(٧) في (ب): تنظرون.