غزوة الرجيع
غزوة الرجيع(١)
  ثم كانت غزوة الرجيع، وهو ماء لبني هذيل بين مكة وعُسْفَان(٢) بناحية الحجاز، وذلك في صفر على رأس ستة وثلاثين شهراً من الهجرة، وذلك أن نفراً من عضل والقارة، وهم من بني خزيمة بن مدركة قدموا على رسول الله ÷ فأظهروا الإسلام، وسألوه أن يبعث معهم نفراً من أصحابه يفقهونهم في الدين، فبعث معهم ÷ ستة، وقيل: عشرة، فخرجوا حتى إذا كانوا في الرجيع غدروا بهم، ولقيهم مائة من هذيل بأيديهم السيوف، فقتلوا بعضهم، وأسروا بعضاً.
  قلت: ذكر رزين بن معاوية الأندلسي في جامعه: أنهم لما أحاطوا بهم قالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم أحداً(٣)، فقال عاصم بن أبي الأقلح: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا رسول الله(٤)، فجعل يرميهم، ويقول:
  ما علتي وأنا جلد نابل ... والقوس فيها وتر عنابل(٥)
(١) عن غزوة الرجيع انظر ابتسام البرق - خ -، والسفينة (ج ٢) خ، وسيرة ابن هشام ٣/ ١٠٠ - ١١٠، وتأريخ الطبري ٢/ ٢١٣ - ٢١٦.
(٢) عُسْفان بضم أوله وسكون ثانيه ثم فاء وآخره نون، قال ياقوت: قال أبو منصور: عسفان منهلة من مناهل الطريق بين الجحفة ومكة، وقال غيره: عسفان بين المسجدين، وهي من مكة على مرحلتين، وقيل: عسفان قرية جامعة بها منبر ونخيل ومزارع على ستة وثلاثين [ميلاً] من مكة وهي حد تهامة. (معجم البلدان ٤/ ١٢١ - ١٢٢).
(٣) في (ب): لا يقتل منكم أحد.
(٤) في (ب): رسولك.
(٥) النابل: صاحب النبل، وعنابل أي غليظ شديد، والبيت أورده ابن هشام في السيرة النبوية ٣/ ١٠١ من أبيات، وبعد البيت الذي ذكره المؤلف هنا في السيرة:
تزل عن صفحتها المعابل ... الموت حق والحياة باطل
وكل ما حم الإله نازل ... بالمرء والمرء إليه آيل
إن لم أقاتلكم فأمي هابل