السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

غزوة الرجيع

صفحة 138 - الجزء 1

غزوة الرجيع⁣(⁣١)

  ثم كانت غزوة الرجيع، وهو ماء لبني هذيل بين مكة وعُسْفَان⁣(⁣٢) بناحية الحجاز، وذلك في صفر على رأس ستة وثلاثين شهراً من الهجرة، وذلك أن نفراً من عضل والقارة، وهم من بني خزيمة بن مدركة قدموا على رسول الله ÷ فأظهروا الإسلام، وسألوه أن يبعث معهم نفراً من أصحابه يفقهونهم في الدين، فبعث معهم ÷ ستة، وقيل: عشرة، فخرجوا حتى إذا كانوا في الرجيع غدروا بهم، ولقيهم مائة من هذيل بأيديهم السيوف، فقتلوا بعضهم، وأسروا بعضاً.

  قلت: ذكر رزين بن معاوية الأندلسي في جامعه: أنهم لما أحاطوا بهم قالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم أحداً⁣(⁣٣)، فقال عاصم بن أبي الأقلح: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا رسول الله⁣(⁣٤)، فجعل يرميهم، ويقول:

  ما علتي وأنا جلد نابل ... والقوس فيها وتر عنابل⁣(⁣٥)


(١) عن غزوة الرجيع انظر ابتسام البرق - خ -، والسفينة (ج ٢) خ، وسيرة ابن هشام ٣/ ١٠٠ - ١١٠، وتأريخ الطبري ٢/ ٢١٣ - ٢١٦.

(٢) عُسْفان بضم أوله وسكون ثانيه ثم فاء وآخره نون، قال ياقوت: قال أبو منصور: عسفان منهلة من مناهل الطريق بين الجحفة ومكة، وقال غيره: عسفان بين المسجدين، وهي من مكة على مرحلتين، وقيل: عسفان قرية جامعة بها منبر ونخيل ومزارع على ستة وثلاثين [ميلاً] من مكة وهي حد تهامة. (معجم البلدان ٤/ ١٢١ - ١٢٢).

(٣) في (ب): لا يقتل منكم أحد.

(٤) في (ب): رسولك.

(٥) النابل: صاحب النبل، وعنابل أي غليظ شديد، والبيت أورده ابن هشام في السيرة النبوية ٣/ ١٠١ من أبيات، وبعد البيت الذي ذكره المؤلف هنا في السيرة:

تزل عن صفحتها المعابل ... الموت حق والحياة باطل

وكل ما حم الإله نازل ... بالمرء والمرء إليه آيل

إن لم أقاتلكم فأمي هابل