السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

الخامس، والسادس: بناء جرهم والعمالقة

صفحة 35 - الجزء 1

  قال الإمام الماوردي⁣(⁣١): أول من جدد بناء الكعبة من قريش بعد إبراهيم # قصي بن كلاب، وسقفها بخشب الدوم وجريد النخل، وكانت خزاعة مستولية على البيت وعلى مكة، وكان كبيرهم حليل بن [حبشية]⁣(⁣٢) الخزاعي بيده مفتاح البيت الشريف وسدانته، فخطب إليه قصي ابنته، فزوجه إياها، وكثرت أولاده وأمواله، فعظم⁣(⁣٣) شرفه، وهلك حليل، وأوصى بمفتاح الكعبة لابنته، فقالت: لا أقدر على السدانة، فجعلت ذلك لأبي غبشان، وكان سكيراً يحب الخمر، فأعوزه بعض الأوقات ما يشربه من الخمر، فباع مفتاح البيت بزق خمر، واشتراه منه قصي، وصار في الأمثال يقال: أخسر صفقة من أبي غبشان، وفي ذلك يقول الشاعر:

  باعت خزاعة بيت الله صاحية⁣(⁣٤) ... بزق خمر فما فازوا ولا ربحوا

  فلما صار المفتاح إلى قصي أنكرته خزاعة، وكثر كلامهم عليه، فأجمع⁣(⁣٥) على حربهم، فأحربهم وأخرجهم من مكة، وولي قصي أمر الكعبة ومكة، وجمع قومه، وملكوه عليهم، وكانوا يحترمون مكة ويعظمونها عن أن يبنوا بها بيتاً مع بيت الله تعالى، فكانوا⁣(⁣٦)


(١) هو أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري، المعروف بالماوردي، المتوفى سنة ٤٥٠ هـ، من فقهاء الشافعية ومن كبارهم، قرأ بالبصرة وببغداد، وله مصنفات منها: (الحاوي)، و (تفسير القرآن الكريم)، و (أدب الدين والدنيا) وغيرها، توفي وقبر ببغداد.

(انظر وفيات الأعيان ٣/ ٢٨٣ - ٢٨٤ ترجمة رقم (٤٢٨».

(٢) ما بين المعقوفين في النسخ بعد قوله: حليل بن، بياض قدر كلمة، وهي: حبشية كما أثبته من سيرة ابن هشام ١/ ٨٠ حيث ذكر اسمه هناك كاملاً هكذا: حليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي، قال ابن هشام: ويقال: حبيشة بن سلول.

(٣) في (ب): وعظم.

(٤) في (ب): ضاحية.

(٥) في (ب): فجمع.

(٦) في (ب): فيكونون بها نهاراً.