(دعاء)
  الإنس والجن أجمعين، الذي غيَّر مجرى تأريخ البشرية، وشيَّد برسالته الخالدة معالم الهداية، وطمس بها مهاوي الظلمات والجهالة، وجسد بحياته العظيمة وسيرته العطرة قيم الحق والعدل التي يجب أن تسود بين الناس جميعاً، كي ينعموا بحياة سعيدة مطمئنة هادئة سليمة من المكدرات والمنغصات التي تعكر الصفو وتظلم الطريق، قيم تضمن لهم الفوز والفلاح في دنياهم وآخرتهم، قيم تضيء للأفراد والجماعات طريق الحياة العزيزة التي في ظلالها الوارفة يعملون جميعاً، لكي يحلقوا في أجواء الكمال الإنساني المنشود، ويجسدوا على الأرض قيم الخالق ø من العدل والمساواة والحرية وغيرها، ولم يكن له ~ وعلى آله همٌّ يؤرقه ويقض مضجعه سوى صلاح الأمة وإصلاحها، وإرساء قواعد الخير والفضيلة والحرية والمساواة وتوثيق روابط الإخاء والود والحب والاحترام المتبادل بين الأفراد والجماعات الكفيلة لهم بعدم الوقوع في مهاوي الزيغ والانحراف، والتفكك والانحلال، فنهض ~ وعلى آله جاهداً في سبيل تحقيق ذلك، غير مبالٍ بما يعترض طريقه من ضروب وصنوف الأذاء والإيذاء، وتحمل كل أنواع المشقة والنصب التي تنوء بحملها الجبال الرواسي، فدعا وأرشد وحث ودل الناس جميعاً إلى ما فيه نفعهم الدائم في الدارين، ومكث ثلاثاً وعشرين سنة مبلغاً رسالة الله ø إلى خلقه بكل أمانة وإخلاص وتفاني وتضحية وجهاد، لا يستطيع القيام بذلك أحد من البشر غيره صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، وصدق الله العظيم القائل في محكم كتابه العزيز: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}[الأنعام: ١٢٤] والقائل: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}[التوبة: ١٢٨].
  وقد حفظ لنا التاريخ الإسلامي الكثير من الأخبار والحوادث المتعلقة بسيرة نبينا ورسولنا الأعظم محمد بن عبد الله ÷، في شقها الجهادي والكفاحي وبعض ما يتصل بحياته من أخبار ومعجزات وغيرها، كما يعرفها القارئ أو الباحث في كتب السيرة