السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[عودة إلى حديث قدوم النبي ÷ المدينة]

صفحة 74 - الجزء 1

[عودة إلى حديث قدوم النبي ÷ المدينة]

  ثم خرج ÷ يوم الجمعة على الصحيح، وأسس ÷ حينئذٍ مسجد قباء كما ذكرناه، وأتاه عبد الله بن سلام فأسلم⁣(⁣١)، وأسلم مخيريق اليهودي⁣(⁣٢)، ثم ركب بأمر الله له، وسار على ناقته والناس حوله قد حشدوا ولبسوا السلاح، وذلك ارتفاع النهار من يوم الجمعة، فجعل كلما مر بقوم من الأنصار، قالوا: هلمَّ يا رسول الله إلى القوة والمنعة والثروة، فيقول لهم خيراً، ويقول ÷: «دعوها فإنها مأمورة»، فلما أتى مسجد بني سالم جمع بمن كان معه من المسلمين وهم إذ ذاك مائة رجل، وقيل: أربعون رجلاً في حرَّة بني بياضة، وخطبهم رسول الله ÷، وهي أول جمعة أقامها رسول الله ÷ في الإسلام، وأول خطبة خطبها⁣(⁣٣)، ثم ركب ناقته، فلم⁣(⁣٤) تزل سائرة به، وقد أرخى زمامها حتى حاذت دار بني النجار، موضع مسجده الآن، فبركت ثم نهضت، وسارت قليلاً ثم التفتت ورجعت فبركت في⁣(⁣٥) موضعها الأول.

  وقيل: إن جابر بن صخر من بني سلمة، وكان من صالحي المسلمين جعل ينخسها لتقوم منافسةً لبني النجار، أن ينزل رسول الله ÷ عندهم فلم تقم، فنزل ÷ عنها،


(١) انظر سيرة ابن هشام ٢/ ١٢٤ - ١٢٥.

(٢) انظر المرجع المذكور ٢/ ١٢٥ - ١٢٦.

(٣) ذكرها ابن هشام في السيرة النبوية ٢/ ١١١ - ١١٢، حيث ذكر أن النبي ÷ قام في المسلمين ذلك اليوم وخطبهم، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: «أما بعد، أيها الناس، فقدموا لأنفسكم، تعلمن والله ليصعقن أحدكم، ثم ليدعن غنمه ليس لها راع، ثم ليقولن له ربه وليس له ترجمان، ولا حاجب يحجبه دونه: ألم يأتك رسولي فبلغك، وآتيتك مالاً، وأفضلت عليك؟ فما قدمت لنفسك؟ فلينظرن يميناً وشمالاً فلا يرى شيئاً، ثم لينظرن قدامه فلا يرى غير جهنم، فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق من تمرة فليفعل، ومن لم يجد فبكلمة طيبة، فإن بها تجزي الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته». انتهى.

(٤) في (ب): ولم.

(٥) في، زيادة من (ب).