معاوية بن يزيد بن معاوية (ت 64 هـ):
  بدمشق، وكان يكنى أبا ليلى، وهو الذي قال فيه الشاعر:
  والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا
  انتهى من الشافي.
  قوله: «فمُطَيَّبٌ مِنْ عُنْصُرِ الْخُسْرِ» المعنى في ذلك أن معاوية بن يزيد نبات طيب من منبت خبيث، وقلما يحصل مثل ذلك، والغالب الكثير هو ما ذكره الله تعالى في قوله: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً}[الأعراف: ٥٨].
  فإن قيل: إذا كان خُبث المكلف ناشئاً من خبث منبته فالمسئول عن ذلك غيره لا هو؛ إذ لا اختيار له في حصول الخُبث والاتصاف به؟
  قلنا: ليس الخُبث طبيعة خَلْقية، وإنما هو طبيعة خُلُقية يكتسبها المولود عن والديه، وينشأ عليها، ويَتَمَرَّنُ ويَتَدَرَّبُ، وتماماً كما جاء في الحديث الذي رواه أهل الصحاح: «كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه»(١).
  وفي هذا الحديث الصحيح - عند أهل السنة والجماعة وغيرهم - دلالة واضحة على أنه لا دخل لإرادة الله ومشيئته وقدرته في كفر الكافرين، وضلال الضَّالين، وظلم الظالمين، وعصيان العُصاة، وذلك أن الحديث أخبر أن كل مولود يولد على
(١) هذا الحديث مروي في أغلب المصادر الحديثية بألفاظ متقاربة، وممن رواه: البخاري (١٣٥٨) (٢/ ٩٤)، وأبو داود (٤٧١٤) (٤/ ٢٢٩)، ومسلم (٢٦٥٨) (٤/ ٢٠٤٧)، وابن حبان (١٢٨) (١/ ٣٣٦).