معاوية بن يزيد بن معاوية (ت 64 هـ):
  ÷: أيها الناس، إنا بُلينا بكم وبُليتم بنا، فما نجهل كراهتكم لنا وطعنكم علينا، ألا وإن جَدّي معاوية بن أبي سفيان نازع الأمر من كان أولى به منه في القرابة من رسول الله ÷ وأحق في الإسلام، سابق المسلمين، وأول المؤمنين، وابن عم رسول رب العالمين، وأبا بقية(١) خاتم النبيين، فركب منكم ما تعلمون، وركبتم منه ما لا تنكرون، حتى أتته منيّته فصار رهيناً بعمله، ثم قلّد الأمر أبي، وكان غير خليق بالخير، فركب هواه، واستحسن خطأه، وعظم رجاؤه، فأخلفه الأمل، وقصر عنه الأجل، فقلّت متعته، وانقطعت مدته، فصار في حفرته رهيناً بذنبه، وأسيراً بجرمه، [والله لأسفنا له أعظم من أسفنا عليه]، ثم بكى، وقال: إن أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه، وقبح منقلبه، وقد قتل عترة الرسول ÷، وأباح الحرمة، وحرق الكعبة، وما أنا بالمتقلّد أموركم، ولا المتحمّل تبعاتكم، فشأنكم وأمركم، فوالله لئن كانت الدنيا مغنماً لقد نلنا منها حظنا، وإن تكن شرّاً فحسب آل أبي سفيان ما أصابوا منها، فقال مروان بن الحكم: سُنَّها فينا عمرية! قال: ما كنت أتقلدكم حياً وميتاً، ومتى صار معاوية بن يزيد مثل عمر، ومَنْ لي برجال عمر.
  وبلغ ذلك من بني أمية كل مبلغ، وكانت آخر جمعة جمعها، وقيل سمّته بنو أمية، ولقيته أمه - وقد شاع الخبر - فقالت: أنت الساب أباه على المنبر؟ قال: نعم. قالت: فليت أنك كنت حيضة. قال: وأنا والله الذي لا إله إلا هو وددت أني كنت حيضة، ولم أعلم أن لله ناراً يدخلها من عصاه.
  وتوفي ¦ وهو ابن ثلاث وعشرين سنة، وصلى عليه خالد بن يزيد، ودفن
(١) أي: الحسن والحسين @ إذ هما ابنا رسول الله ÷ وسبطاه بالنصوص القطعية.