شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

أقسام الصحابة

صفحة 58 - الجزء 1

أقسام الصحابة

  فإن قال قائل: إن من المستبعد غاية الاستبعاد أن يفتتن أكثرُ الأمة بعد نبيها مع قرب العهد بالنبي ÷، ومعرفتهم بهديه وسنته حتى لا يبقى منهم على الهُدى والاستقامة إلا جماعة قليلة.

  قلنا: كان أصحاب رسول الله ÷ على ثلاثة أقسام، هي: العلماء، والعوام، والمنافقون.

  وقد كان العلماء منهم جماعة قليلة بالنسبة إلى جماعة الصحابة، والغالب من الصحابة والجمهور كانوا خليطا من العوام والمنافقين.

  فلما مات النبي ÷ وأخذ أبو بكر الخلافة تبعه العوام من غير نظر ولا تفكير كما هو شأن العوام الذين جاء في وصفهم عن أمير المؤمنين # قوله: (أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ).

  وكما قلنا فإن هذا النوع هو غالب الصحابة.

  وقد كان أهل مكة الذين أسلموا يوم الفتح حديثي عهد بالإسلام، فلم يكونوا علماء ولا ثابتين في الإسلام، بل كانوا إما منافقين قهرهم الإسلام بسيفه فأسلموا كرهاً، وإما مسلمين غير ثابتين لجهلهم بالإسلام وعامِّيَّتِهِمْ، مع ذلك فقد كانوا موتورين وَتَرَهُم الإسلام ونبي الإسلام ÷. لذلك مالوا عن أهل البيت $ أشد الميل، وكرهوا ولاية أمير المؤمنين #، وصادفوا في ولاية أبي بكر بسبب ذلك ما يوافق أهويتهم.

  إذاً فليس من الغريب ولا من المستبعد أن يفتتن الكثير بعد موت النبي ÷، بل من البعيد والغريب أن يحصل خلاف ما حصل؛ فإن طبيعة البشر على العموم