شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

استدعاء جيوش الكفار إلى بلاد المسلمين سنة قديمة للظالمين

صفحة 393 - الجزء 1

استدعاء جيوش الكفار إلى بلاد المسلمين سُنَّة قديمة للظالمين

  ورد في الكامل لابن الأثير [١٠/ ٤٥٣]: وكان سبب ما ينسبه العجم إليه [أي: إلى الناصر] صحيحاً من أنه هو الذي أطمع التتر في البلاد وراسلهم في ذلك، فهو الطامة الكبرى التي يَصغُر عندها كل ذنب عظيم⁣(⁣١).

  هذا، وفي سنة ٦١٧ هـ في عهد الناصر كان خروج التتر إلى بلاد المسلمين، قال في الكامل وهو يصف ما كان من التتر [١٠/ ٣٩٩]: فلو قال قائل: إن العالَم منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى آدم إلى الآن لم يُبْتلوا بمثلها لكان صادقاً، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها ... ثم قال: ولعل الخلق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم وتُفنى الدنيا ... ثم قال: فإن قوماً خرجوا من أطراف الصين فقصدوا بلاد تركستان، ثم منها إلى بلاد ما وراء النهر مثل سمرقند، وبخارى، ثم إلى خراسان، ثم إلى الرَّي، وهمذان، وبلد الجيل وما فيه من البلاد إلى حد العراق، ثم بلاد أذربيجان، وغيرها، فيملكون كل تلك البلاد في أقل من سنة، ويفرغون منها تخريباً، وقتلاً ونهباً بحيث أنه لم ينج من سكان تلك البلدان الطويلة العريضة إلاَّ الشريد النادر، أما البقية فقد قتلوا عن بكرة أبيهم رجالاً ونساءً وأطفالاً، وشقوا بطون الحوامل، وقتلوا الأَجِنَّة.

  فقد كانوا يقتلون جميع سكان المدينة بعد أن يأمروهم بجمع ما عندهم من الأموال، ثم ينتهبون البيوت، ثم يخربونها ويحرقونها، ثم يُجْرُون عليها النهر. انتهى باختصار.

  وفيه أيضاً [١٠/ ٤٠١]: التتر نوع كثير من الترك، ومساكنهم جبال طمغاج من نحو


(١) وانظر تاريخ ابن خلدون (٣/ ٦٦٠).