شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

دين الرعية على دين الراعي

صفحة 268 - الجزء 1

دين الرَّعية على دين الرَّاعي

  لو سار خلفاء بني العباس على ما سار عليه المأمون لما كان لمذهب بني أُمَيَّة وجود؛ ألا ترى أن علماء العراق تخلوا عن مذهبهم وعدلوا إلى مذهب المأمون.

  والعراق هي الحضيرة العلمية الأولى في بلاد المسلمين، تحولت ما بين عشيَّة وضُحاها إلى دين خليفتها، واستبدلت التشبيه بالتنزيه، وعداوة أهل البيت بالحُبّ؛ لأن ذلك كان هو الظاهر للعامة، وإن كان المراد بتقمصه لهذا المذهب هو توطيد ملكه فقط⁣(⁣١)، غير أن ذلك لم يستمر، ولم يساعده الحظ، وذلك أن الله سبحانه


(١) قال في تاريخ الخميس: وفي سنة إحدى عشرة ومائتين أظهر المأمون التشيع وأمر أن يقال خير الخلق بعد النبي ÷ علي، وأمر بالنداء أن برئت الذمة ممن ذكر معاوية بخير. اهـ (٢/ ٣٣٦).

وفي كتاب البدء والتاريخ (٦/ ١٠٩) قال بعد ذكر خلع الأمين للمأمون من ولاية العهد وبداية الحرب بين الأمين والمأمون وما جرى من انتقاض الدولة ومن خرج عنها، فقال: ثم تشوشت الدنيا فخرج ابن طباطبا العلوي بالكوفة وبيض ومعه أعرابي من بني شيبان يقال له أبو السرايا وغلبوا على الكوفة والسواد، ثم مات ابن طباطبا وهو محمّد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين، ونقش الخاتم والدراهم: {إِنَّ الله يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ في سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ}⁣[الصف: ٤] ... وخرج بالبصرة علي بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ¤ فغلب وبيض، وخرج بمكة ابن الأفطس الحسين بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب $، فغلب وبيَّضَ [أي ليس البياض الذي هو شعار أهل البيت المحقين (الزيدية) بخلاف السواد الذي هو شعار العباسية والإمامية إلى اليوم] .... إلى أن قال: وخَلُصَ الأمر للمأمون، وبعث المأمون إلى علي بن موسى بن جعفر، فأقدمه خراسان، وعقد له العهد من بعده، وسماه الرضا، وزوجه ابنته أم حبيبة بنت المأمون، وخَضَّر الثياب واللباس والرايات، وأمر بطرح السواد، فشق ذلك على بني هاشم، وغضب بنو العباس، وقالوا يخرج الأمر منا إلى أعدائنا، فخلعوا المأمون وبايعوا إبراهيم بن المهدي، وسموه المبارك، وتوجه المأمون نحو =