كيفية بداية الدولة العباسية:
  قال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين [١٦٢]: ولا أعلمه [أي: السفاح] قتل أحداً منهم، ولا أجرى إلى جليس له مكروهاً إلا أن محمداً وإبراهيمَ خافاه فتواريا عنه. انتهى.
كيفية بداية الدولة العبَّاسية:
  بدأ الضعف يظهر في خلافة بني أُمَيَّة عندما تولى الخلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان، وكان مولعاً بشرب الخمر مدمناً عليه، منادماً للفُسَّاق والمغاني كما تقدم، فاستغل هذا الضعف دعاة العباسيين في خراسان أيما استغلال، وتراءى في الأفق حينئذٍ أن سلطان البيت الأموي يُؤْذِنُ بالسقوط، لا بما انتشر فيه من فساد الترف فحسب؛ بل أيضاً لما نشب من خلاف عنيف بين أفرادهم؛ إذ لم يلبثوا أن قتلوا الوليد، وأخذوا يتطاحنون على عرش الخلافة تطاحناً مُرّاً، وتغلب في آخر الأمر مروان بن محمد بن مروان غير أنهم نابذوه، وثاروا ضده، وانتهز الخوارج الفرصة فنازلوه في الموصل وفي اليمن وفي الحجاز.
  وفي هذه الأثناء تولى أبو مسلم قيادة الدعوة في موطنه خراسان، وكان من دهاة الرجال ومن أكفئهم في النهوض بجلائل الأعمال، فأخذ يصور للناس فساد الحُكم الأموي وما يسومهم به من خسف وظلم، وكيف أنه سيملكهم الأرض ويجعلهم سادة بعد أن كانوا عبيداً مسترقين، والناس يسمعون له ويحفون به وينضمون إلى دعوته حتى كثف جمعهم، وحتى غدا نزاله لنصر بن سيار والي الأمويين هناك قاب قوسين أو أدنى، غير أنه رأى أن يتمهل قليلاً قبل أن يبدأ مغامرته الخطيرة متخذاً لها من الأسباب ما يكفل النجاح المحقق، ولم يلبث أن عمد - بدهائه - إلى الإيقاع بين الكرماني ومن معه من القبائل اليمنية، وبين نصر بن سيار ومن معه من القبائل