شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

حقيقة القدر

صفحة 204 - الجزء 1

  قال: فخرجت وأنا أقول: أما والله لقد أوبقت نفسك من قبل ذلك وأنت الآن أوبق وأوبق. انتهى من الشافي [١/ ٤٩٧].

  وفي الكامل [٤/ ٢٠٤]: قيل: إن الجعد بن درهم أظهر مقالته بخلق القرآن أيام هشام بن عبد الملك، فأخذه هشام وأرسله إلى خالد القسري - وهو أمير العراق - وأمره بقتله، فحبسه خالد، فلما كان يوم العيد خطب الناس، فقال في خطبته: انصرفوا وضحوا يقبل الله منكم، فإني أريد أن أضحي اليوم بالجعد بن درهم. ثم نزل وذبحه⁣(⁣١). انتهى.

حقيقة القدر

  وفيه - أي: في الكامل [٤/ ٢٨٤] -: أن غيلان بن يونس أظهر القول بالقدر في أيام هشام، فأمر به هشام فقطعت يداه ورجلاه، ثم أمر به وصلب. انتهى من الكامل.

  قلت: أراد أن غيلان أظهر أن المكلف مختار في أفعاله، وأنه يفعل الطاعة والمعصية بإرادته واختياره، وأن الله تعالى لا يريد المعاصي ولا يشاؤها ولا يفعلها، وأنها تصدر من العاصي بمحض إرادته ومشيئته وفعله، وليس لله فيها إرادة ولا مشيئة ولا فعل؛ فمن اعتقد هذه العقيدة سموه قدرياً، ويقال: أظهر القدر.

  وفي الحقيقة والواقع أن إطلاق اسم القدر على غيلان، وعلى من اعتقد مثل ما ذكرنا إطلاق باطل؛ فإن المعهود في اللغة أن يطلق نحو القدر على من يثبته لا على


(١) قصة الجعد بن درهم مشهورة ذكرها المحدثون والمؤرخون، ذكرها البخاري في التاريخ الكبير (١/ ٣٠٤) والبلاذري في أنساب الأشراف (٨/ ٣٧٩) والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٣٤٦) والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (١٤/ ٤١٨) وابن عساكر في تاريخ دمشق (١٦/ ١٣٧) ... الخ.