أسباب سقوط أكثر الأمة وتراجعهم بعد عصر الرسالة
  وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}[التوبة: ١١١].
  ولم يستحقوا صفة الفلاح التي جاءت في قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ١٠٤}[آل عمران].
  ولم يتخلوا عن ذلك فقط فيكون الأمر كفافاً لا لهم ولا عليهم، كما فعل ابن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وأصحابهما حين تخلوا عن علي # وعن أعدائه، فإنهم لم ينصروا الحق ولم يخذلوا الباطل؛ بل مالوا مع الظالمين، ودخلوا في حزبهم، وشايعوهم، وناصروهم ضد الحق والمحقين، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ٢٢٧}[الشعراء]، {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ٤٢}[إبراهيم]، {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ١١٣}[هود].
أسباب سقوط أكثر الأمة وتراجعهم بعد عصر الرسالة
  من المناسب هنا أن نشرح هذا الداء الذي أصيبت به الأمَّة بعد ذلك العصر واستشرى في أعضائها حتى قضى على الكثير منها، وذلك أنه استفحل فيها داءان خبيثان أصعب من السرطان المعروف في أيامنا هذه:
  أما الأول منهما: فاتباع الأهواء، والأهواء تتمثل في الحسد والكبر، وهذا الداء الذي هو الحسد والكبر داء قديم أصيبت به الأمم السابقة، وعاش معها ملازماً لتاريخها الطويل، فهو إذاً داء الأمم الذي ألقاها في مهاوي الهلكات، وجرَّ عليها