(الواثق) هارون بن محمد بن هارون (ت 232 هـ):
  وظفر شعورهن، وصبغ أظافرهن بالحناء. وقد ظهر بين أوحال هذا الفسوق والخمر والزنا ألوانٌ من الإلحاد والزندقة والابتعاد تماماً عن أخلاق الإسلام وشرائعه، حتى عَمَّ ذلك الخاصة والعامة، والشعراء والكُتّاب؛ لذلك ظهرت كتابات كثيرة عن آداب المنادمة والنديم، وكثر في عصر العباسيين أشعار الغزل في الجواري والغلمان، وكثيراً ما يُنظم ذلك أثناء السُّكر وشرب الخمر.
  وعلى الجملة فقد بلغ الفساد في هذه الأعصار إلى الغاية التي ليس بعدها غاية حتى امتلأت العراق بدور اللهو وحاناته في المدن والقُرى، وعلى طول الطرق جنوباً إلى البصرة والكوفة، وشمالاً إلى الموصل، يجد النازل في تلك الدُّور والحانات ألوان الخمر، وأصناف الجواري اللاتي لا يعرفن حشمة؛ وإنما يعرفن اللهو والابتذال للرجال، وإجادة الغناء والرقص والعزف(١).
  ***
  ٤٦ - والواثِقُ الْمَشْهُورُ بُغْيَتُهُ ... مِنْ نَغَمَاتِ العُودِ في العَشْرِ
  ٤٧ - لكنَّهَا طَابَتْ شَمَائِلُهُ ... وتهلَّلت للآل بالبِشْرِ
  ٤٨ - وَالْعَدْلُ والتَّوْحِيدُ مَذْهَبُهُمْ ... وَكَذَا صَحِيحُ الْقَوْلِ في الذِّكْرِ
  ٤٩ - وَالْحَقُّ مُتَضِّحُ السَّبِيلِ وَقَدْ ... تَاهَتْ عُقُولٌ في هَوَى الفِكْر
(الواثق) هارون بن محمّد بن هارون (ت ٢٣٢ هـ):
  هو الواثق بالله هارون بن المعتصم، بويع له في اليوم الذي توفي فيه أبوه، وذلك يوم الخميس لثماني عشرة مضت من ربيع الأول سنة ٢٢٧ هـ، وكان يكنى
(١) انظر عن هذا كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، ومن ذلك أخبار من غنى من الخلفاء وأولادهم في الجزء العاشر (١٧٢، وما بعدها)، وكتب الشعر والأدب في العصرين الأموي والعباسي تعج بهذه المفاسد، وإن كانت قد تطورت في عهد العباسيين تطوراً فاضحاً.