شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

حقيقة القدر

صفحة 205 - الجزء 1

  من ينفيه، فالقدري والقدرية اسم لمن أثبت القدر، وقال: (إن المعاصي بقضاء الله وقدره)، لا من ينفي ذلك.

  فبنو أمية قد أطلقوا القدر على من ينفيه⁣(⁣١)، وهم الذين يستحقون هذا الاسم؛


(١) ومما يكذب تسميتهم لنا بالقدرية ما رووه هم [أي أهل السنة] في كتبهم، منهم مسلم في صحيحه (٨) (١/ ٣٦) أنه ذُكِرَ لعبد الله بن عمر بن الخطاب قوم من شأنهم أنهم يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أُنُفٌ [أي: مستأنف بمعنى أن الله لا يعلم بوقوع المعصية إلا بعد فعلها، هكذا فسره النووي وغيره من شراح الحديث]، فقال عبد الله بن عمر: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم براء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر. ونحن موافقون لهم في التبرؤ من هؤلاء.

ومن ذلك الذي يحجهم: ما اشتهر في أغلب كتب الرواية عند الطرفين من حديث استفتاح النبي ÷ في الصلاة، وفيه: «والخير كله بيديك والشر ليس إليك» أخرجه مسلم في صحيحه (١/ ٥٣٤) برقم (٧٧١) والترمذي بثلاث طرق (٣٤١٧) و (٣٤١٨) و (٣٤١٩) والنسائي (٢/ ٢٩) وأبو داود برقم (٧٦٠) وأبو يعلى برقم (٥٧٤) وأحمد في مسنده (١/ ٩٤) وابن خزيمة (١/ ٢٣٥) وأبو داود الطيالسي برقم (١٥٢)، فهي رواية صحيحة صريحة تفيد نفي نسبة الشر إلى الله، بمعنى الأمر به أو إرادته أو حمل المكلف عليه بخلقه فيه أو إرغامه عليه، والحديث القدسي: «إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه» الذي أخرجه في صحيح مسلم برقم (٢٥٧٧) والبخاري في الأدب المفرد (٤٩٠) والترمذي (٢٤٩٥) وابن ماجه (٤٢٥٧) وهو في مسند البزار (٩/ ٤٤١) برقم (٤٠٥٣)، والمستدرك على الصحيحين (٤/ ٢٦٩) رقم (٧٦٠٦)، والآداب للبيهقي (١/ ٣٤١) رقم (٨٤٧) وغيرها كثير.

وقد روى هذا الحديث في الأربعين للنووي (١٣/ ١) وعلق شارحه الشيخ عبد الكريم الخضير (١٣/ ٨) بشرح مفيد يقرر ما قلناه، ا هـ.

وحديث سيد الدعاء وفيه: «أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي» الذي رواه البخاري (٨/ ٦٧) رقم (٦٣٠٦)، وأحمد في مسنده (٣٨/ ١١٩) رقم (٢٣٠١٣)، ففيه الاعتراف بالذنب أنه من الإنسان مقابل الاعتراف بالنعمة أنها من الله، =