يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان الناقص (ت 126 هـ)
  بحكمه، متبعين فيه لكتابه، فكانت لهم بذلك من ولاية الله ونصره ما تمت به النعم عليهم حتى توفي هشام، وأفضى الأمر إلى عدوّ الله الوليد المنتهك للمحارم التي لا يأتي مثلها مسلم، ولا يتقدم عليها كافر تكرماً من غشيان مثلها، فلما استفاض ذلك منه، واستعلن واشتد فيه البلاء، وسفكت الدماء، وأخذت الأموال بغير حقها مع أمور فاحشة لم يكن الله ليملي العاملين بها إلا قليلاً، سرت إليه بعد انتظار مراجعته، وإعذار إلى الله وإلى المسلمين منكراً لعمله، وما اجترى عليه من معاصي الله، راجياً من الله إتمام الذي نويت من اعتدال عمود الدين، والأخذ على أهله ما هو لله رضا، حتى أتيت جنداً قد وغرت صدورهم على عدو الله بما رأوا من عمله، فإن عدوّ الله لم يكن ترك من شرائع الإسلام شيئاً إلا أراد تبديله والعمل فيه بغير ما أنزل الله، وكان ذلك منه شائعاً شاملاً عرياناً لم يجعل لله فيه ستراً، ولا لأحد فيه شكاً، والكتاب طويل هذا شطره. انتهى من الشافي(١).
  والسبب في تسميته الناقص كما في الكامل [٤/ ٣٠٨] هو أنه نقص الزيادة التي كان الوليد زادها في أعطيات الناس وهي عشرة عشرة، ورد العطاء إلى ما كان أيام هشام.
  والسبب في أنه أمثلهم أنه كان على غير طريقة بني أميَّة في الجبر، وقد أشار في الكامل [٤/ ٣٢١] إلى ذلك في سياق ذكر عهده بالخلافة إلى إبراهيم ثم من بعده لعبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك، فقال: ولم تزل القدرية بيزيد حتى أمر بالبيعة لهما. انتهى.
  والقدرية: اسم يطلقه القوم في ذلك الزمان وإلى اليوم على من يقول بالعدل
(١) انظر تاريخ الطبري (٧/ ٢٧٥) وأنساب الأشراف (٩/ ١٩٥) وذكرها الدكتور أحمد صفوت في كتابه (جمهرة رسائل العرب في العصور العربية) (٢/ ٣٩٩).