دين الرعية على دين الراعي
  وتعالى يقول: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}[البقرة: ٢٥٦].
  فقد اقتضت حكمة الله - وهو العليم الحكيم - أن يكلف عباده ويختبرهم ويبتليهم بشرائعه وأحكامه، فمن أطاعه أثابه، ومن عصاه عاقبه وعذبه.
  ولا يستحق الثواب العظيم في جنات النعيم إلاَّ من أطاعه بمحض اختياره لا دافع له إلى الطاعة إلّا الإيمان بعظمة الله وجلاله، وعزَّته وكبريائه، والتصديق بوعد
= العراق، فلما بلغ سرخس قتل الفضل بن سهل في الحمام غيلة، ومات علي بن موسى الرضا بطوس، ودفن عند قبر هارون، واختلفوا في سبب موته؛ فمن قائل أنه سُمَّ، وآخر أنه أكل عنباً فمات، وجاء المأمون حتى دخل بغداد وعليه الخضرة، فأمر بطرحها وأمر بإعادة السواد. اهـ (٦/ ١١٠، ١١١). وهذا يدل على أن تقريبه لعلي بن موسى الرضا كان سياسة من أجل كسب العامة ولئلا يثور عليه ثائر أهل البيت؛ لذلك آل أمر الرضا إلى السم كما ذكره هنا، وقد ذكر في مقاتل الطالبيين أن الرضا # لم يرض بولاية العهد إلا تحت التهديد بالقتل، وهذا مما يدل أنها كانت سياسة من المأمون، لأن أهل البيت $ كانوا قد دوخوا دولة العباسيين فعرف أنه لن يستطيع إسكاتهم بقوة السلاح، فعمد إلى السياسة وأرسل إليهم من المدينة، وأشخصهم إليه، وبايع لعلي بن موسى الرضا بولاية العهد، وضرب الدراهم باسمه، وأمر الخطباء بذكر اسمه في الخطب في جميع البلدان كما ذكره في مقاتل الطالبيين، مما أدى إلى إخماد ثورات أهل البيت $ بهذه الطريقة الذكية، وصار يقرب هذا ويزوج ذاك، ثم يدس إليهم السم ويقتلهم بهدوء وصمت، ولا يحتاج إلى جيوش، والعامة يظنون أنه موال لأهل البيت، فكان العامة يظهرون الحب لأهل البيت، ولكنه بدأ يحرفهم عن مسار أهل البيت $، وهو من المؤسسين أو الداعمين لمبدأ الاثني عشر إماماً الذي انتهجته الرافضة الإمامية، حتى يتم له ما أراد من إخماد صوت الحق والمحقين من أهل بيت رسول الله ÷، والله أعلم، وانظر جواب الإمام عبد الله بن موسى بن عبد الله الكامل # عليه حين أراد أن يغريه بالتقريب في مقاتل الطالبيين (٤٥٣ - ٤٦٠) والشافي (١/ ٦٨٨) والتحف (١٥٨)، منه قوله: فبأي شيء تعتذر فيما فعلته بأبي الحسن ~ - يعني الإمام علي بن موسى الرضا - أبالعنب الذي أطعمته حتى قتلته به .... الخ.