شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الاعتزال في عهد المأمون والمعتصم والواثق

صفحة 287 - الجزء 1

  وكان الناس يتجمعون حولهم في المساجد يسمعون ويتفرجون، وجذبوا إليهم الشباب، بحيث أن حلقاتهم كانت أكبر الحلقات وأوفرها سامعين.

  وسرعان ما كوَّنوا لأنفسهم مذهباً ضخماً تميز بأصوله الخمسة المعروفة، حتى أصبح له السيطرة التامة على الحُكم في عهد المأمون والمعتصم والواثق، مما أدى إلى أن حمل هؤلاء الخلفاء على أصحاب المذاهب الأخرى للالتزام بأفكار المعتزلة.

  ونشبت الفتنة المعروفة، وامتحنوا على ذلك، وسيموا من أجل ذلك سوء العذاب، غير أنه سرعان ما دالت على المعتزلة الدولة حين مات الواثق وتولى المتوكل، فاستقدم المحدِّثين وانتصر لأهل السنة، فاندحر لذلك المعتزلة، ولم يستطيعوا بعد ذلك أن يستردوا سلطانهم.

  ومع ذلك فقد استمر الاعتزال في نشاطه، وما زالت له حلقات في بغداد والبصرة، تَخرَّج منها الكثير من علمائهم، مثل الجاحظ⁣(⁣١) ومن عاصره أو تلاه، كالشحَّام⁣(⁣٢)، وجعفر⁣(⁣٣) بن مبشر، وجعفر⁣(⁣٤) بن حرب، والخياط⁣(⁣٥)،


= بالقصد والاختيار. اهـ.

(١) الجاحِظ (١٦٣ - ٢٥٥ هـ = ٧٨٠ - ٨٦٩ م) عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ، كبير أئمة الأدب، ورئيس الفرقة الجاحظية من المعتزلة. مولده ووفاته في البصرة. فلج في آخر عمره. وكان مشوه الخلقة. ومات والكتاب على صدره. قتلته مجلدات من الكتب وقعت عليه. له تصانيف كثيرة. اهـ باختصار من الأعلام للزركلي (٥/ ٧٤).

(٢) الشَّحَّام (٠٠٠ - نحو ٢٨٠ هـ = ٠٠٠ - نحو ٨٩٣ م) يوسف بن عبد الله، أبو يعقوب الشحام: مفسر معتزلي، من أهل البصرة. انتهت اليه رئاسة المعتزلة بها في أيامه. أخذ عن أبي الهذيل. وولي الخراج في أيام الواثق. ولما خرج صاحب الزنج بالبصرة، وعظه الشحام، فهمّ بقتله، فيقال: فرّ منه. وكان من أحذق الناس بالجدل. عاش ٨٠ سنة. وله كتاب في «تفسير القرآن». اهـ من الأعلام للزركلي (٨/ ٢٣٩).

(٣) جَعْفَر بن مُبَشِّر (٠٠٠ - ٢٣٤ هـ =٠٠٠ - ٨٤٨ م) جَعْفَر بن مُبَشِّر بن أحمد الثقفي: متكلم، =