شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

فساد الحكم العباسي

صفحة 298 - الجزء 1

  النفط، وتعليقهم في الجدران بأيديهم وأرجلهم، حتى يستخرجوا منهم كل ما يريدون من أموال.

  وكان يُصْنَع بالتجار وأصحاب الجواهر والأموال العريضة نفس هذا الصنيع، فكانوا يدَّعون عليهم ودائع للسلطان يجب أن يردوها، وكانوا يتفننون في تعذيبهم لاستخراج الأموال، والويل كل الويل لمن يرث من أبيه ميراثاً كبيراً.

  فأصبحت الخلافة عبارة عن مجموعة لصوص ومختلسين وقُطَّاع طُرق، ثم تُبَدَّد تلك الأموال من جديد عن طريق الولاة والوزراء والكُتَّاب، وهذا في حين أن الشعب يتمرغ في البؤس والفقر والشقاء والحرمان، وزاد الطين بلَّة غَلَبة النساء على الحُكم والموالي والأتراك⁣(⁣١).


= يَرْسُفُ ويَرْسِفُ رَسْفاً ورَسِيفاً ورَسَفَاناً: مَشَى مَشْيَ المقيَّد، وَقِيلَ: هُوَ الْمَشْيُ فِي القَيْدِ رُوَيْداً، فَهُوَ رَاسِفٌ. اهـ (٩/ ١١٨).

(١) سيأتي ما يدل على ذلك، وانظر أخبار المتوكل وغلامه إيتاخ كنموذج في البداية والنهاية (١٠/ ٣٤٣)، ثم المنتصر فقد عزل أخويه عن الخلافة بإشارة الأتراك، ذكر ذلك في البداية والنهاية (١٠/ ٣٩٠)، وانظر في ذلك: تاريخ الطبري (٩/ ٢٥٦) قال فيه: ذكر أن المنتصر لما توفي، وذلك يوم السبت عند العصر لأربع خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الآخَرِ مِنْ سَنَةِ ثمان وأربعين ومائتين، اجتمع الموالي إلى الهاروني يوم الأحد، وفيهم بغا الصغير وبغا الكبير أوتامش ومن معهم، فاستحلفوا قواد الأتراك والمغاربة والأشروسنية - وكان الذي يستحلفهم علي بن الحسين بن عبد الأعلى الإسكافي كاتب بغا الكبير - على أن يرضوا بمن يرضى به بغا الصغير وبغا الكبير أوتامش، وذلك بتدبير أحمد بن الخصيب، فحلف القوم وتشاوروا بينهم، وكرهوا أن يتولى الخلافة أحد من ولد المتوكل، لقتلهم أباهم، وخوفهم أن يغتالهم من يتولى الخلافة منهم، فأجمع أحمد بن الخصيب ومن حضر من الموالي على أحمد بن محمد بن المعتصم، فقالوا: لا نخرج الخلافة من ولد مولانا المعتصم، وقد كانوا قبله ذكروا جماعة من بني هاشم، فبايعوه وقت العشاء الآخرة من ليلة الاثنين، لِسِت خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الآخَرِ مِنْ السنة، وهو ابن =