فساد الحكم العباسي
  وتجاوز في التعذيب حد من سبقه.
  وقتل إيتاخ(١)، وهو الذي بلغ في نصرتهم الغاية في قتل النفوس وانتهاك المحرمات.
  وعقد المتوكل عهد الخلافة لأولاده الثلاثة: محمّد الملقب المنتصر قاتل أبيه بيد مناصريه وأعوانه، والزبير ولقبه المعتز بالله، وإبراهيم وسَّماه المؤيد بالله. ثم قسم بينهم الأرض فجعل لكل منهم نصيباً مفروضاً(٢).
  وسبب قتل المنتصر لأبيه أن المتوكل أكثر شرب الخمر في مجلس الشراب، وعنده المغنون والندماء، فعبث بابنه المنتصر، وأمر بعض الحاضرين بصفعه وإهانته، وأكثر من شتمه وتهديده بالقتل، ثم قال المتوكل للحاضرين: اشهدوا أني قد خلعت المنتصر، وفي هذه الليلة قتل المنتصر أباه على أيدي بعض أعوانه وغلمانه(٣).
فساد الحكم العبَّاسي
  كان الوزراء يرتشون، ومثلهم الولاة على الأقاليم، وكذلك الكُتَّاب؛ بل إنهم جميعاً يختلسون أموال الدولة من الخراج والضرائب والمكوس.
  لذلك فقد كان الخلفاء يصادرون أموال الكُتَّاب والوزراء والموظفين والقضاة، فيستخرجون بذلك منهم أموالاً طائلة، وكثيراً ما كانوا يعذبونهم بالضرب والسحب على الوجوه والرَّسْف(٤) في القيود، وصب الزيت على رؤوسهم، أو
(١) البداية والنهاية (١٠/ ٣٤٤) وذكر أنه قتله بالعطش.
(٢) تاريخ الخلفاء (٢٥٥).
(٣) تاريخ الطبري (٩/ ٢٥٩)، تاريخ الخلفاء (٢٥٥).
(٤) قال في لسان العرب: رسف: الرَّسْفُ والرَّسِيفُ والرَّسَفَانُ: مَشْيُ المُقَيَّدِ. رَسَفَ فِي القَيْدِ =