شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[الإمام الناصر الأطروش #]

صفحة 332 - الجزء 1

  وقمرية الأكثمية المغنية كان لها جانب وسيع، وصوت رفيع.

  وأم القهرمانة العازلة للوزير علي بن عيسى من الوزارة.

  وزيدان القهرمانة كان لها محل في السلطان لم يبلغه سواها.

  ومن عجائب أمور العباسيين - وإن كانت كلها عجيبة - أن المقتدر قلد ولده المكنى أبا العباس أعمال الحرب بمصر وله أربع سنوات، واستخلف له مؤنساً الخادم، وكتبت عنه الكتب وإليه. انتهى⁣(⁣١).

  قلت: هكذا صارت خلافة النبوة إلى خلافة للشيطان، ترتع في الإثم والعدوان، وترتكب العظائم والجرائم، وتأمر بالفحشاء والمنكر، وتتكلم بلسان الشيطان، وتعمل أعمال الشيطان، إلى حدٍّ ضاعت فيه أحكام القرآن وشرائع الإسلام؛ بل إلى حدٍّ لو سمحت فيه المقادير للشيطان أن يتربع على منصة الخلافة لما تجاوز تلك


(١) وقد ذكر شيئاً من هذا ومصير التولية والعزل إلى الخدم والخادمات ونحو ذلك الطبري في تاريخه (١١/ ١٠٩). وقال في المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (١٣/ ٦٤) في سياق ذكر جواهر الملوك: ولم يزل الخلفاء يحفظون ذلك إلى أن آلت الخلافة إلى المقتدر، وهناك ما لم ير مثله، وفيه الدرة اليتيمة زنتها ثلاثة مثاقيل، فبسط فيه المقتدر يده ووهب بعضه لصافي الحرمي ووجه منه إلى وزيره العباس فرده، وَقَالَ: هذا الجوهر عدة الخلافة، ولا يصلح أن يفرق، وكانت زيدان القهرمانة متمكنة من الجوهر، فأخذت سبحة لم ير مثلها، وَكَانَ يضرب بها المثل، فيقال: سبحة زيدان، فلما وزَّر عَليَّ بْن عيسى قَالَ للمقتدر: ما فعلت سبحة جوهر؟ قيمتها ثلاثون ألف دينار أخذت من ابن الجصاص؟ فَقَالَ: في الخزانة، فَقَالَ: تُطْلَب، فطُلِبت فلم توجد، فأخرجها من كُمِّه، وَقَالَ: إذا كانت خزانة الجوهر لا تحفظ فما الذي يحفظ؟ اهـ وفي البداية والنهاية (١١/ ١١٨) في ترجمة فاطمة القهرمانة قال: غضب عليها المقتدر مرة فصادرها، وكان في جملة ما أخذ منها مائتي ألف دينار، ثم غرقت في طيارة لها في هذه السنة. اهـ وفيه (١١/ ١٢٨) في أحداث سنة أربع وثلاثمائة قال: فيها عزل المقتدر وزيره أبا الحسن علي بن عيسى بن الجراح، وذلك لأنه وقعت بينه وبين أم موسى القهرمانة نفرة شديدة، فسأل الوزير أن يعفى من الوزارة؛ فعزل ولم يتعرضوا لشيء من أملاكه.