[الإمام الناصر الأطروش #]
  وقُتِل المقتدر ببغداد يوم الأربعاء لثلاث ليالٍ بقين من شوال سنة عشرين وثلاثمائة في وقعة كانت بينه وبين مؤنس الخادم.
  وقد كان مؤنس الخادم قد خلع المقتدر في سنة ٣١٧ هـ، ورده بعد الخلع إلى الخلافة.
  وقد كان زمام الأمر بيد الأتراك، ومن هنا قال شيخنا الناظم # في البيت الذي بعد هذا البيت الذي شرحناه: «وتَوَلَّتِ الْأَتْرَاكُ لِلْأَمْرِ».
  قال الإمام عبد الله بن حمزة في الشافي [١/ ٧٤٧] نقلاً عن ثابت بن سنان في تاريخه(١): لما استقرت الأمور للمقتدر توفر على لذَّاته، وتعلق بالنساء حتى احتشم من مواجهة الرجال رأساً، وانقبض عنهم، واطرح من رام الاتصال به، وعاشر النساء، وغلب على الدولة الحرم، وأنفق الأموال إسرافاً وتبذيراً مفرطاً أدّى إلى تلفها، وصارت فاطمة القهرمانة الوسيلة إلى سلامة أفاضل المسلمين من شره.
  وكان أمر خلافته مردوداً بين النسوان من الحرائر والإماء، وبين النصارى والخدم، يتصرفون في المسلمين بما شاءُوا، منهم: إسحاق بن دليل النصراني، وعلي بن عيسى، وعبد الله بن شمعون النصراني، ومالك بن الوليد النصراني، وأبو إبراهيم النصراني، وأبوس النصراني، ولما ماتت ثمل القهرمانة أقام نعمة جارية ثمل مقامها، وكانت ذمّية، وكانت عند المقتدر في منزلةٍ لم ينزلها أحدٌ من كبراء العباسيين وأمراء الدولة، تشفع للوزير وتعقد إمارة الأمير.
= كتب التراجم والمؤرخين، فيقرب إجماعهم على عدله وحسن سيرته ليعرف المنصف أن قدوات المذهب الزيدي متفق على عدالتهم، وفضلهم، وحسن سيرتهم، وغزارة علمهم عند جميع أطراف النزاع، فماذا بعد الحق إلا الضلال.
(١) ثابت بن سنان مؤرخ، له تذييل على تاريخ الطبري حيث انتهى الطبري إلى سنة (٣٠٢ هـ) فأكمله ابن سنان إلى سنة (٣٦٠ هـ) وهو مفقود، ولعل هناك نسخة كانت موجودة لدى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة #.