شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

أسباب سقوط أكثر الأمة وتراجعهم بعد عصر الرسالة

صفحة 360 - الجزء 1

  الويلات، وأكسبها المهانة والمقت، وحق عليها بسببه عذاب الاستئصال، وكم قص الله سبحانه وتعالى في كتابه عن تلك الأمم التي أصيبت بذلك الداء، وعن مصيرها المشؤوم الذي صارت إليه.

  ولم يقص الله تعالى تلك القصص المتكاثرة في كتابه الكريم إلاَّ من أجل أن تعتبر به هذه الأمَّة، وتتحذر أشد الحذر من أن تقع في مثل ما وقع فيه من قبلها من الأمم، فيحق عليها مثل ما حق عليهم، ومن هنا تجد الحكيم العليم كثيراً ما يعقب القصص بنحو قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}⁣[ق: ٣٧].

  وقال تعالى لنبيَّه ÷: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ}⁣[إبراهيم: ٥].

  وقال سبحانه: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ ..} الآية [الرعد: ٦].

  ومع كل ذلك البيان الذي نزل به القرآن من العبر والأمثال والقصص والمثلات، والإنذار والتحذير، والأوامر والنواهي، و ... إلخ، فإن الأمَّة بعد أن أخذ عليها ربُّها العهود والمواثيق في السمع والطاعة آثرت دواعي الأهواء من الكبر والحسد، وأعرضت كل الإعراض عن زاجر الرَّحمن، ودواعي القرآن، فقالت في يومها الأول حين مات نبيُّها: هيهات هيهات! لا يجتمع لبني هاشم النبوة والخلافة.

  فلأجل هذا الداعي المذموم الذي تنفست به الأمَّة بعد موت نبيِّها ÷ كان ما كان من الجفاء لأهل البيت $ المتكاثر والمتلاحق منذ ذلك الحين إلى زماننا، هذا مع معرفة الأمة بحق أهل البيت $ ومعرفة فضلهم ومنازلهم التي أنزلهم الله فيها.