شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الأول: (المتقي) إبراهيم بن المقتدر (ت 333 هـ):

صفحة 367 - الجزء 1

  التدبير لـ (كورتكين)⁣(⁣١) أبي شجاع ولم يترك للمتقي شيئاً من الأمور، فكتب إلى ابن رائق يستدعيه فسار من دمشق إلى بغداد، وهرب كورتكين، وكانت إمارته ثمانين يوماً، وخلع ابن رائق، وطُوِّق وسوِّر، وفي أيام المتقي وقع الغلاء العظيم في الأسعار حتى بلغ كر الحنطة مائتين وعشرة دنانير، وخرج الحرم من قصر الرُّصافَة ينادين: الجوع، الجوع⁣(⁣٢).


= ووجوه البلد عند الوزير أبي القاسم سليمان بن الحسن، ويشاورهم الكوفيّ فيمن ينصّب للخلافة ممن يرتضي مذهبه وطريقه، فاجتمعوا وذكروا إبراهيم بن المقتدر، واتّفقوا عليه وأحضروه من الغد وبايعوا له آخر ربيع الأوّل من سنة تسع وعشرين. وعرضت عليه الألقاب فاختار المتقي للَّه، وأقرّ سليمان على وزارته كما كان، والتدبير كله للكوفيّ كاتب تحكم، وولّى سلامة الطولوني على الحجبة. ... إلى قوله في بيان مقتله وأنه استرَّ بانهزام أصحاب أبي عبد الله البريدي على يد تورون لما وصله ذلك الخبر وهو في الطريق لعله خارجاً من واسط، فذهب يتصيّد فبلغ نهر جور، وعثر في طريقه ببعض الأكراد فشَرِهَ لغزوهم، وقصدهم في خفّ من أصحابه وهربوا بين يديه وهو يرشقهم بسهامه، وجاءه غلام منهم من خلفه فطعنه فقتله. واختلف عسكره، فمضى الديلم - وكانوا ألفا وخمسمائة - إلى ابن البريدي، وقد كان عزم على الهرب من البصرة، فبعث لقدومهم وضاعف أرزاقهم وأدرّها عليهم، وذهب الأتراك إلى واسط وأطلقوا بكتيك من حبسه وولّوه عليهم، فسار بهم إلى بغداد في خدمة المتقي وحصر ما كان في دار تحكم من الأموال والدواوين فكانت ألف ألف ومائة ألف دينار ومدّة إمارته سنتان وثمانية أشهر. اهـ.

(١) كورتكين الديلمي: كان أحد الديلم الذين أُصعدوا مع البريدي من واسط، جعله المتقي أمير الأمراء سنة (٣٢٩ هـ) واستمرت إمارته ثمانين يوماً، فأزاله ابن رائق بعد حرب بينهما، اختفى بعدها كورتكين. اهـ (انظر الكامل في التاريخ ٧/ ٩٧).

(٢) ذكر هذا في تاريخ الإسلام (٢٥/ ٢١) قال: وفيها عظم الغلاء ببغداد حتّى هرب الناس وبقي النّساء. فكنّ المخدّرات يخرجن عشرين عشرين من بيوتهنّ، مُمْسكات بعضهنّ بعضًا، يَصحْن: الجوع الجوع. وتسقط الواحدة منهنّ بعد الأخرى ميّتة من الجوع. ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ =