الخامس: (المسترشد) الفضل بن المستظهر (ت 529 هـ)
  بدايمرج، انهزم فيها أصحابه وهو ثابت لم يتحرك من مكانه، ولم يُقتل في هذه المعركة أحد، وهذا من أعجب ما يُحكى.
  فأخذ السلطان مسعود المسترشد أسيراً، وجعله في خيمة ووكل من يحفظه، وهناك تقررت قواعد الصلح بين الطرفين ومن ذلك أن يدفع الخليفة إلى السلطان شيئاً من المال، وأن لا يجمع العساكر ضد السلطان، وأن لا يخرج من داره، ولم يبق بعد ذلك إلا أن يعود الخليفة إلى بغداد.
  فدخل على المسترشد مجموعة من الباطنية في ساعة غفلة فقتلوه ومثلوا به، وجدعوا أنفه وأذنيه، وتركوه عريانا، وكان عمره حين قُتِل ثلاثاً وأربعين سنة وثلاثة أشهر(١).
  ***
= خلع الراشد وأقام المقتفي كما هو مشهور، ... ثم أقبل مسعود على الاشتغال باللذات والانعكاف على مواصلة وجوه الراحات، متكلاً على السعادة تعمل له ما يؤثره، إلى أن حدث له القيء وعلى الغثيان، واستمر به ذلك إلى أن توفي في حادي عشر جمادى الآخرة، سنة سبع وأربعين وخمسمائة (٥٤٧ هـ). اهـ من وفيات الأعيان (٥/ ٢٠٠) باختصار.
(١) قال في الكامل (٩/ ٦٤): لما قبض المسترشد بالله ... أنزله السلطان مسعود في خيمة، ووكل به من يحفظه، وقام بما يجب من الخدمة، وترددت الرسل بينهما في الصلح وتقرير القواعد على مال يؤديه الخليفة وأن لا يعود يجمع العساكر، وأن لا يخرج من داره، فأجاب السلطان إلى ذلك، وأركب الخليفة، وحمل الغاشية بين يديه، ولم يبق إلا أن يعود إلى بغداد. فوصل الخبر أن الأمير قران خوان قد قدم رسولا من السلطان سنجر، فتأخر مسير المسترشد لذلك، وخرج الناس والسلطان مسعود إلى لقائه، وفارق الخليفة بعض من كان موكلا به، وكانت خيمته منفردة عن العسكر، فقصده أربعة وعشرون رجلا من الباطنية، ودخلوا عليه فقتلوه، وجرحوه ما يزيد على عشرين جراحة، ومثلوا به فجدعوا أنفه وأذنيه، وتركوه عريانا، ... وكان قتله يوم الخميس سابع عشر ذي القعدة على باب مراغة، وبقي حتى دفنه أهل مراغة. وأما الباطنية فقتل منهم عشرة، وقيل: بل قتلوا جميعهم، والله أعلم. وكان عمره لما قتل ثلاثا =