شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

استدعاء جيوش الكفار إلى بلاد المسلمين سنة قديمة للظالمين

صفحة 396 - الجزء 1

  الكبير، وشمل الراعي والرعية، وذلك كالظلم، وسفك الدماء بغير حق، وما يتبع ذلك ويلحق به من التعذيب والحبس، وكالزنا واللواط وشرب الخمر، والرقص والغناء والمزامير وآلات اللهو، والتهاون بشرائع الإسلام جملة وتفصيلاً، فحصل ما حصل من التتر على المسلمين بسبب ذلك، وتماماً كما قال جَلَّ شَأْنُهُ: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ١٢٩}⁣[الأنعام].

  هذا، وقد كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # أشار إلى فتنة التتر في خُطْبة خطبها في البصرة منها: (كَأَنِّي أَرَاهُمْ قَوْماً كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطَرَّقَةُ، يَلْبَسُونَ السَّرَقَ⁣(⁣١) والدِّيبَاجَ، ويَعْتَقِبُونَ الْخَيْلَ الْعِتَاقَ، ويَكُونُ هُنَاكَ اسْتِحْرَارُ قَتْلٍ، حَتَّى يَمْشِيَ الْمَجْرُوحُ عَلَى الْمَقْتُولِ ويَكُونَ الْمُفْلِتُ أَقَلَّ مِنَ الْمَاسُورِ⁣(⁣٢).

  ***


(١) السَّرَقُ جمع سَرَقَة، وهي القِطْعة مِنْ جَيِّد الْحَرِيرِ، (انظر النهاية ٢/ ٣٦٢).

(٢) شرح النهج (٨/ ٢١٥) ورواها الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار (١/ ٣٣٠) عن علي # بلفظها. وهناك الحديث المروي عن رسول الله ÷ في الصحاح والمسانيد كلها بلفظ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا التُّرْكَ صِغَارَ الْأَعْيُنِ حُمْرَ الْوُجُوهِ ذُلْفَ الْأُنُوفِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ».

قال في شرح النهج: المجان: جمع مجن بكسر الميم، وهو الترس، وإنما سمى مجناً لأنه يستتر به، والجِنة: السترة والجمع جُنَنٌ، يقال استجن بجنة، أي استتر بسترة.

والمطرقة، بسكون الطاء: التي قد أطرق بعضها إلى بعض، أي ضمت طبقاتها، فجعل بعضها يتلو بعضا، يقال: جاءت الابل مطاريق، أي يتلو بعضها بعضا. ويروى: (الْمَجَانُّ الْمُطَرَّقَةُ)، بتشديد الراء، أي كالترسة المتخذة من حديد مطرق بالمطرقة. والسرق: شقق الحرير، وقيل: لا تسمى سرقا إلا إذا كانت بيضا، الواحدة سَرَقَة. ويعتقبون الخيل، أي يجنبونها لينتقلوا من غيرها إليها. واستحرار القتل: شدته، استحر وحر بمعنى. والمفلت: الهارب. اهـ (منه باختصار).