شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

استدعاء جيوش الكفار إلى بلاد المسلمين سنة قديمة للظالمين

صفحة 395 - الجزء 1

  وكذلك استولوا على بلاد قفجاق⁣(⁣١) وهم أكثر الترك عدداً، وكل ذلك في أقل من سنة.

  وقد دخل التتر بلاد العراق أخيراًً، ودخلوا بغداد فلقيتْ نفسَ المصير الذي لقيته سائر الممالك والمدن التي مرت بها التتر، فقد قُتِل أهل بغداد جميعاً تقريباً، ولم يسلم منهم إلا الشاذ النادر، وقد ذكر بعض المؤرخين أن قتلى بغداد وحدها قد كانوا مليونين⁣(⁣٢) من الناس ما بين طفل وامرأة ورجل، ولم يبقوا على أحد.

  هذا، والسبب في كبير ظني في حصول هذه الكارثة الكبرى الذي لم يشهد لها البشر مثيلاً في التأريخ هو كثرة الفسوق والعصيان، فإن ذلك كان قد ظهر واستشرى، وتراكم وتمادى في بلاد المسلمين، ونشأ على ذلك الصغير وشاب عليه


= وولاية واسعة في طرف خراسان، وهي الحدّ بين خراسان والهند في طريق فيه خيرات واسعة إلا أن البرد فيها شديد جدّا، بلغني أن بالقرب منها عقبة بينهما مسيرة يوم واحد إذا قطعها القاطع وقع في أرض دفيئة شديدة الحرّ، ومن هذا الجانب برد كالزمهرير، وقد نسب إلى هذه المدينة من لا يعدّ ولا يحصى من العلماء، وما زالت آهلة بأهل الدين ولزوم طريق أهل الشريعة والسلف الصالح، وهي كانت منزل بني محمود بن سبكتكين إلى أن انقرضوا. اهـ. وهي الآن تتبع أفغانستان، على بعد حوالي ١٥٠ كيلومتر جنوب العاصمة كابول.

(١) قفجاق بن أرسلان تاش التركماني، أمير من أمراء التركمان، قال في «الكامل في التاريخ» (١٠/ ٣٣٤): ثُمَّ قَصَدُوا بِلَادَ قُفْجَاقَ، وَهُمْ مِنْ أَكْثَرِ التُّرْكِ عَدَدًا، فَقَتَلُوا كُلَّ مَنْ وَقَفَ لَهُمْ، فَهَرَبَ الْبَاقُونَ إِلَى الْغِيَاضِ وَرُءُوسِ الْجِبَالِ، وَفَارَقُوا بِلَادَهُمْ، وَاسْتَوْلَى هَؤُلَاءِ التَّتَرُ عَلَيْهَا، فَعَلُوا هَذَا فِي أَسْرَعِ زَمَانٍ، لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا بِمِقْدَارِ مَسِيرِهِمْ لَا غَيْرَ. اهـ.

(٢) انظر مرآة الجنان لليافعي (٤/ ١٠٥)، العبر للذهبي (٣/ ٢٧٨)، البداية والنهاية لابن كثير (١٣/ ٢٠٢) شذرات الذهب لابن العماد (٧/ ٤٦٩) حيث ذكروا أن عدد من قتل من المسلمين في سقوط بغداد بلغ ألف ألف وثمانمائة ألف، وقيل ألفي ألف ..