شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

موقف خالد لسلمان الفارسي ¥ (ت 35 هـ):

صفحة 57 - الجزء 1

  ثم تلى هاتين الجماعتين جماعةٌ قليلة من التابعين أقاموا على سَنَنِ الطريق فلم يُغيِّروا، ولم يبدلوا، تعرضوا للمحنة والبلاء في حُبِّ أمير المؤمنين علي # وأهل بيته، حصدتهم سيوف بني أمية على يد زياد وابنه والحجاج عليهم سخط الله وغضبه.

  وهذه الجماعات القليلة التي تمسكت بولاء أهل البيت $ يسميهم أهل السنة والجماعة: روافض وشيعة وغُلاة، و ... إلخ⁣(⁣١)، منذ زمن معاوية إلى اليوم.

  وقد لحقهم بسبب ذلك من آل أمية ما لا يوصف من ألوان العذاب؛ غير أنَّ الموعد القيامة، والشهود الجوارح، والحاكم عالم الغيب والشهادة، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ٢٢٧}⁣[الشعراء].

  وغرضنا في هذا هو التنبيه على أن الدخول في الفتنة واهتضام حقوق أهل البيت النبوي في تلك العصور لم يكن شاملاً لجميع أفراد الأمة، بل إنَّ هناك جماعات منهم وَفَتْ بعهودها ومواثيقها، واستقامت وثبتت ثبوت الجبال الرواسي، وباعت في سبيل ذلك الحياة الدنيا بالآخرة، ومن أولئك حجر بن عدي وأصحابه، وستأتي قصتهم - إن شاء الله - عند ذكر معاوية.


= كانت مع رسول الله، ومع معاوية رايات قد كانت مع المشركين على رسول الله. اهـ وأوردها نصر بن مزاحم في كتابه وقعة صفين (١/ ٢٣٨).

(١) قال ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري (١/ ٤٥٩): والتشيع محبَّة علي وتقديمه على الصحابة، فَمن قدمه على أبي بكر وَعُمَرَ فَهُوَ غالٍ فِي تشيعه وَيُطلق عَلَيْهِ رَافِضِي وَإِلَّا فشيعي، اهـ.