الخوض فيما جرى من الصحابة وفيما شجر بينهم
  هو الميل مع الدنيا ومع الملوك، وعلى هذه العادة البشرية كان ما كان من أغلب المسلمين بعد موت النبي ÷، فإنهم مالوا عن خلافة أمير المؤمنين علي # في أول الأمر(١)، وأفظع منه ميلهم بعد ذلك مع معاوية، فيزيد و ... إلخ، وتركوا أهل بيت نبيهم ÷، وأعرضوا عنهم تماماً، ثم دانوا بدين سلطانهم، كل ذلك من أجل الميل مع الدنيا والملوك.
  ومن هنا قال تعالى - وهو يتحدث عن مثل ما ذكرنا -: {مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ}[المائدة ٦٦]، {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ}[الأعراف ١٠٢]، {وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}[الأعراف ١٧] {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}[سبأ ١٣]، {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ}[ص ٢٤]، إلى غير ذلك من الآيات.
الخوض فيما جرى من الصحابة وفيما شجر بينهم
  قد يقول القائل: إن الأقرب إلى الصواب هو ما يذهب إليه أهل السنة والجماعة من وجوب ترك الخوض فيما جرى من الصحابة أو فيما شجر بينهم؛ للآتي:
  - أوَّلاً: لأن ذلك هو الأسلم والأحوط.
  - ثانياً: لما جاء من الثناء في الكتاب والسنة عليهم.
  - ثالثاً: للمحافظة على حُرمة النبي ÷ في أصحابه.
(١) وقد تقدم كلام مولانا الشارح حفظه الله (ص ٥٥) خلال حديثه عن هؤلاء: بأن جماعة أخرى كبيرة أخطأوا بعد موت النبي ÷ فدخلوا مع الداخلين، ثم تداركتهم رحمة الله في آخر الأمر فأحسنوا والله يحب المحسنين ... الخ فراجعه لتكن على بصيرة ومعرفة تامة بمراد المؤلف الشارح أيده الله تعالى.