فصل [في ذكر العقل]
فصل [في ذكر العقل]
  بدأ هنا بذكْرِ العقلِ؛ لأنَّه أكبرُ الآلاتِ وأعظمها وبه تُعرَفُ المعارفُ، وتحصلُ العلوم وهو كما قال (أئمتنا $ والمعتزلةُ: والعقلُ عَرَضٌ) ركَّبَه اللهُ في قلب الإنسان ليُدْرِك به المدرَكَات، كالبصر عَرَضٌ ركبه الله في الحدقة؛ لإدراك المرئيات.
  وقالت (المطرفيَّة: بل) العقل (هو القلب).
  وقال (بعض الفلاسفة: بل) العقل (جوهر بسيط) قيل: مرادهم بالبسيط أنه لا يتجزأ.
  وقال (بعضهم: بل جوهر لطيف) قال المهدي #: وكأنّ هؤلاء يجعلونه كالنور؛ لأنَّهم يجعلون النارَ لطيفهً؛ لمداخلتها الأجزاء من خلف الحوائل.
  وقال (بعض الطبائعية: بل طبيعة مخصوصة) وكأنَّهم يريدون بالمخصوصة غير الطبائع الأربع أو الخمس التي هي المؤثرة في الحوادث بزعمهم(١).
  (لنا: زواله) أي: العقل (عند نحو النوم) كالإغماء (وعودُهُ عند النقيض؛ فلو كان العقلُ القلبَ) كما قالته المطرفية، (أو جوهراً) كما زعمت الفلاسفة (لم يَزُلْ) عند نحو النوم؛ لأنَّ القلبَ باقٍ بلا خلافٍ، وكذلك الجوهر فإنه باقٍ بزعمهم على حدِ بقاء الجسم.
  (والطبيعةُ: إن أرادوا بها العَرَضَ؛ فكقولنا، وإلَّا فلا تحقق لها) وما لا يتحقق فهو باطلٌ.
[محل العقل]
  قال (أئمتنا $ والمعتزلة: ومحله القلب).
  وقالت (الفلاسفة: بل محلة الدماغ).
  (قلنا: لا دليل عليه) أي: على محلة (إلَّا قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا}) [الحج: ٤٦] فدلت الآية على أنَّ القلوبَ محلُ العقول.
  (وقد صح) أي: القران فيصح الاستدلالُ به (بما يأتي إن شاء اللهُ تعالى) في كتاب النبوة.
  (قالوا:) أي: الفلاسفة (كَيُّ دماغِ مُتَغَيِّرِ العقلِ وصلاحهُ به دليلُ كونهِ فيه) أي في الدماغ.
(١) الطبائعية: هم كل من أضاف التأثير إلى الطبع، منهم الفلاسفة فإنَّهم جعلوا العالمَ صادراً عن علة قديمة بالطبع.