فصل
  (ويمكن أن يكون إيلامُ من قد كَفَّرَ اللهُ عنه جميعَ سيئاته كالأنبياء À تعريضاً) من الله لهم (للصبر على الألم والرضا فقط؛ إذ هو) أي: إيلامهم لهذه المصلحة العظيمة (حَسَنٌ كالتأديب) للصبي ونحوه، فإنه يحسن لمصلحة تعود له.
  (وإيلام أهل الكبائر تعجيل عقوبة فقط) أي: من دون عوض ولا منفعة.
  (وقيل:) بل لهم عوض؛ لأنه (لا عقاب قبل الموافاة) أي: قبل موافاة يوم القيامة.
  (لنا: قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}) [الشورى: ٣٠] فدلَّت الآية على أنَّ ما نزل بالعصاة من مصائب ونحوها بسبب كسبهم الذنوب.
  (ولا خلاف) بين العلماء (في أنَّ الحدَّ عقوبةٌ) لا عوض فيه (ولقوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِين}[النور: ٢] ونحوه) فنص تعالى على أن الحدَّ عذابٌ والعذابُ عقوبة.
  (و) يحسن أيضاً إيلام صاحب الكبيرة (لاعتبار نفسه فقط) أي: من دون عوض ولا عقوبة (كما مرَّ في حق المؤمن، ولقوله تعالى: {أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُون}) [التوبة: ١٢٦] أي: لا يعتبرون.
  (ولمجموعهما) أي: يحسن من الله إيلام صاحب الكبيرة للعقوبة والاعتبار (لا للعوض) فلا عوض له لمنافاته العقاب، (خلافاً لرواية المهدي # عن العدلية) فإنه روى عنهم أنه لا بُدَّ في جميع الآلام ونحوها من العوض والاعتبار في جميع المؤْلمَين.
  (لنا) حجة عليهم: (قوله تعالى: {وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا}) [فاطر: ٣٦] فلو كانت لهم أعواضٌ لكانت مخفِّفةً من العذاب، وإلَّا فلا فائدة إذاً فيها، (وقوله تعالى: {وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}[الأعراف: ٤٠] فلا عوض حينئذٍ) لأهل الكبائر.
  وقالت (المجبرة: يحسُن) الألم من الله تعالى لكل أحدٍ (خالياً عن جميع ما ذُكِرَ) أي: من غير عوض واعتبار ... إلخ، بناء منهم على مذهبهم أنَّ الله تعالى يفعل كلَّ ظلمٍ وقبيحٍ ولا يقبح ذلك منه، تعالى الله ربنا وتقدس عما يقولون علواً كبيراً.