فصل [في ذكر الفناء والعدم]
فصل [في بيان الروح ومعناه]
  (والرُّوحُ: أمرٌ استأثر اللهُ تعالى بعلمه؛ لقوله تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إلاَّ قَلِيلا}) [الإسراء: ٨٥] وهو ما (لا يكون الحيوانُ حيّاً إلَّا معه).
  (وادِّعاء معرفة حقيقته قريب من دعوى علم الغيب؛ لفقد الدليل إلَّا التَّخيُّل) أي: التوهم الكاذب، (فاكتساب أقوال الخائضين فيها ارْتواءٌ من آجِنٍ) أي: من ماءٍ متغير كدر (واستكثار من غير طائل) أي: من غير نفع (والله تعالى يقول: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}) [الإسراء: ٣٦] أي: لا تتبع ما لا تعلم (ويقول ø في مدح المؤمنين: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُون}[المؤمنون: ٣] وكذلك القول في كثير من مسائل فن اللطيف، ونحو مساحة الأرض) كم هي فراسخ أو نحو ذلك فهو استكثار من غير طائل.
فصل [في ذكر الفناء والعدم]
  اعلم أنه لا خلاف بين الأمة في فناء العالم، وإنما اختلفوا في كيفيته.
  فقال (أئمتنا $ والجمهور: ويُفني الله العالَمَ ويُعدمه) كأن لم يكن.
  وقال (الجاحظ والملاحميّة وبعض المجبرة: محال) إعدامه، وإنَّما الفناءُ: التمزُّق والتغيُّر.
  (قلنا:) ليس ذلك بمحال فكما أن الله ابتدعه واخترعه من لا شيء، كذلك يعيده نفياً محضاً وذلك (كذهاب المصباح والسحاب، فليس بمحالٍ، و) مما يدل عليه من السمع (قوله تعالى: {هُوَ الأول وَالآخِرُ}) [الحديد: ٣] أي: الأول قبل كل شيء، والآخر: بعد فناء كل شيء.
  (و) لنا ما ذكره علي # (في النهج: «كما كان قبل ابتدائها كذلك يكون بعد فنائها بلا وقت ولا مكان» إلى قوله #: «ولا شيء إلَّا الله الواحد القهار») وهذا دليل على فناء العالم.
  (ووجه حسنه) أي: حسن فناء العالم وإعدامه: (التفريق بين دار الامتحان، ودار الجزاء).
  (فإن قيل: لِمَ لَمْ يكن الجزاءُ في الدنيا) مع عدم فنائها؟