باب [في بيان الشريعة وأدلتها]
  وقال (أكثر اليهود: لا يصحّ النسخ) لا عقلاً ولا سمعاً، وأنكروا كون نبينا محمد ÷ مرسلاً إليهم، والباعث لهم على هذا كله إنكار كون دين الإسلام ناسخاً لما قبله من الشرائع.
  (لنا: ما مرَّ) ذكره في نبوَّة نبينا محمد، (و) لنا عليهم صحة وقوعه، فإنه (قد وقع، وذلك تحريم نكاح الأخوات بعد أن كان مباحاً لأولاد آدم #، وهذا) أي: تحريم نكاح الأخوات بعد إباحته (لا يُمكن اليهود دفعه)؛ لأنَّه مذكورٌ عندهم في التوراة، (والوقوع فرع الجواز).
  (وشريعة نبينا ÷ نَسَخَتْ ما قبلها من الشرائع) كما مرَّ ذكره (إلَّا بعض ما ورد) تقريره من الشرائع المتقدمة (على لسانه ÷ نحو آية القصاص) والصيام والصلاة والزكاة وغير ذلك؛ فهو من باب الاتفاق في بعض الأحكام كما مرَّ ذكره في النبوَّة.
  (وفي شريعته ÷ الناسخ والمنسوخ) كالقبلة والعِدَّة وغير ذلك، (خلافاً لأبي مسلم الأصفهاني في الكتاب) فقال: لم يقع فيه نسخ.
  (لنا:) الإجماع على وقوعه، ولنا (قوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}) [البقرة: ١٠٦] أي: ما ننسخ من حكم آية نأت بخير منها ثواباً أو مثلها، وما نُنْسِهَا أي: نتركها بحالها ولا نُغَيِّر حكمها فلمصلحةٍ وحكمةٍ في إبقائها على حالها، (وقوله تعالى: {يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ}) [الرعد: ٣٩] أي: ينسخ الله ما يشاء ويُثبت، أي: يترك ما يشاء من الآيات على حالها فلا يرفع حكمها، وهاتان الآيتان رَدٌّ على أبي مسلم.
  (وفي كتب الأصول) أي: أصول الفقه (ذكر قواعده) أي: قواعد النسخ وشروطه، (وفي غيرها) أي: غير كتب الأصول (ذكر أعيانها) أي: أعيان الآيات الناسخة والمنسوخة.
  ¿ وتوفيقه الفراغُ من كتاب النبوَّة، ونشرعُ بعون الله تعالى في كتاب الإمامة.