فصل
  (قلنا: قد ثبت الإجماع) من الصحابة والتابعين وغيرهم (على ما ذهبنا إليه) من وجوب نصب الإمام كما مرَّ ذكره، (وإنما خَلا بعضُ الأزمنة) عن قيام الإمام وظهوره (لقهر الظلمة مَنْ يُعين صاحبها) أي: صاحب الإمامة (الذي هو) أي: المعين لصاحبها (شرط في وجوبها) أي: في قيام الإمام وانتصابه، فلا يجب عليه القيام إلا مع وجود المعين له والناصر (أو) لم يقهر الظلمة كل الناس على ذلك لكن تعذَّر قيامه (لخذلان الأكثر) له تمرداً منهم، والأقل منهم عازم على الإعانة والنصرة لكن لا يحصل به المقصود.
  وإذا كان كذلك (فالمغلوبُ عن) تحصيل (الشرط) وهو المقهور من الناس (والأقل العازم على المعاونة غير مُخِلٍّ) بالواجب، فلا يلزم ما زعموه من إجماع الأمة على الإخلال بالواجب؛ (إذ العزم كافٍ، كمن يُجْبَرُ على ترك الصلاة) فإن العزم على فعلها متى تمكن يكفيه في الامتثال لأمر الله (وكالحج) فإنه (لا يجب على أحد حتى يتمكن من شرط وجوبه، وهو الزاد والراحلة، وكفاية من يُمون حتى يرجع).
  (والمغلوب والأقل غير متمكن) من إعانة الإمام، والإمام حينئذٍ معذور عن القيام.
  فثبت بهذا ما ذهبنا إليه، وأكثر الأمة من وجوب الإمامة في كل عصر، إذ المراد مع التمكن من تحصيل شرطها كما تقرر.