فصل
  وَالَاهُ، وعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ واَخْذُلْ من خَذَلَهُ» وهذا الخبر متواترٌ مُجْمَعٌ على صحَّته) عند الموالف والمخالف ومن وقف على طرفٍ من علم الحديث عَلِمَ صحة تواتره(١).
  (وبيان الاستدلال به) أي: بالخبر (أن كلمة «مولى» مشتركة بين معانٍ من جملتها: مالك التصرُّف، فهو مفيد لمعنى الإمامة على قواعد كل مذهب).
  (أمَّا على قاعدة أئمتنا $ والجمهور فكما مرَّ) في كلمة «وَلي» من وجوب حمل المشترك على جميع معانيه.
  (وأمَّا على قاعدة غيرهم فقد أجمعوا على أن المشترك يُحمل على أحد معانيه إنْ دلَّت عليه قرينةٌ، ومعنى الإمامة قد دلَّت عليه قرينةٌ لفظية وهي(٢) قوله ÷ في أوله: «ألستُ أولى بكم من أنفسكم») فإنه صريحٌ في ملك أمرهم والتصرُّف عليهم، (و) كذلك (قوله ÷: «لا أمر لكم معي»، وقوله ÷ في آخره: «وانصر من نصره واخذل من خذله») فإنها قرينة أخرى مُؤَكِّدة لمعنى الإمامة؛ لأن النبي ÷ حثَّ على نُصرته وحذَّر من خذلانه، وذلك دليل على أنه ÷ أراد إمامته واستخلافه على أُمته من بعده.
(١) قال الإمام الحجة عبد الله بن حمزة # في الشافي: هذا حديث الغدير ظهر ظهور الشمس، واشتهر اشتهار الصلوات الخمس. وأيضاً أورد # في الشافي: في سند هذا الحديث ما يزيد على مائة طريق من صحيح البخاري، ومسلم، والنسائي، وأبي داود، وابن حنبل، ومناقب ابن المغازلي، وتفسير الثعلبي وغير ذلك مما يطول ذكره. انتهى. وقال السيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير: إن خبر الغدير يروى بمائة وثلاث وخمسين طريقاً. انتهى.
وعلى الجملة فقد أجمع على تواتره حفاظ جميع الطوائف، وقامت به وبأمثاله حجة الله على كل موالف ومخالف؛
وقال الذهبي: بهرتني طرقه فقطعت بوقوعه. انتهى. وعده السيوطي في الأحاديث المتواترة. وقال الغزالي في كتابه سر العالمين: أجمع الجماهير على خطبة يوم الغدير. واعترف ابن حجر في صواعقه أنه رواه ثلاثون صحابياً. وقال المقبلي في أبحاثه: فإن كان هذا معلوماً وإلَّا فما في الدنيا معلوم. انتهى. وغير ذلك مما لو استوفيناه لطال المقام.
(٢) سقط لفظ: (وهي) من نسخة «ث».