فصل
  (مُجَوَّزٌ مظنونٌ) فلا يسقط الواجب المعلوم بالمجَّوز المظنون، (و) أمَّا (حصول الظن بوقوع شيءٍ من ذلك) أي: بوقوع منكر آخر (مع عدم ظن التأثير) لأمره ونهيه فإنهما (لا يجوزان؛ لأنهما حينئذٍ كالإغراء) بفعل ذلك المنكر وهو قبيح، (و) أما حصول الظن بوقوع المنكر الآخر بسبب النهي عن المنكر المعلوم (مع ظن التأثير لا يَجِبَان قطعاً) لعدم حصول القدرة على التأثير وإنما هي مظنونه، وقد عُرضت بحصول الظن بالانتقال إلى منكر آخر فتعارض الظنان وحينئذٍ لا يجبان، (وفي حسنهما تَرَدُّدٌ) يحتمل حسنهما لحصول ظن القدرة على التأثير، ويحتمل عدم حسنهما لمعارضة ذلك الظن بظن وقوع منكر آخر فيكون قبيحاً، والله أعلم.
فرع
  (ولا يكونان إلَّا بقول رِفْقٍ) لأنه أقرب إلى الامتثال (فإن لم يَتِمَّا به) زاد الآمر على ذلك بحسب الحال، فيُقدم الوعظ، ثُمَّ التهديد، ثمَّ نحو كسر الملاهي، ثمَّ الضرب بالعصا، ثم بالسلاح؛ لما ثبت من أنه إذا خشي أن يُفعل المحظور (وجبت المدافعة عن فعل المحظور) بأيِّ مُمكن (إلى حَدِّ القتل؛ لإجماع العترة $ على وجوب إزالة المنكر بأيِّ وجهٍ، ولا يُفعل الأشدُّ مع تأثير الأخفِّ) كما مرَّ آنفاً من الترتيب.
  قال (بعض ساداتنا $:(١) فإن كان التَفَكُّر في القدر الكافي مُخلَّاً بالمدافعة بحيث يُفعل المحظور في مدة التفكر، وجب دفعه بغير رَوِيَّة) أي: بغير تَفكُّرٍ (ولو) كان دفعه (بالأضَرِّ، وهو قوي؛ لعدم حصول الانزجار لولاه) أي: لولا دفعُهُ بذلك الأضر.
  (و) أمَّا (الحمل على فعل الواجب بالإكراه) لفاعله كالإكراه على الصلاة، وأداء الزكاة بالقتال فلا يجوز للآحاد، بل (يَختصُّ الإمام غالباً) احترازاً من الواجبات العقلية؛ (للإجماع على وجوب ذلك على الإمام، وعدم الدليل في حق من عداه) أي: من عدا الإمام.
  وأمَّا الإكراه على فعل الواجب بغير قتال فلا يبعد وجوبه على كل من قدر عليه، والله أعلم.
(١) هو السيد العلامة الكبير أمير الدين بن عبد الله بن نهشل بن المطهر بن أحمد بن عبد الله بن عز الدين بن محمد بن إبراهيم بن الإمام المطهر بن يحيى المظلل بالغمام، توفي عقيب وفاة الإمام @ بهجرة حوث سنة (١٠٢٩ هـ).