فصل [في ذكر الحد]
  (و) إثبات جوهر (غير مانع للحيِّز من ثلاث جهاتٍ دون الرابعة) فإنه يمنع منها، وهو قول بعض المعتزلة في الجوهر الفرد، وأمَّا مذهب العترة $ فكل شيء يشغل الجهةَ ويحله العرضُ فهو جسم.
  (وثابت غير موجود) وهذا قول بعض المعتزلة في ذوات العالم: إنَّها ثابتةٌ في الأزل لا موجودة.
  (وأمور لا توصف بالحدوث ولا القِدَمِ، ولا الوجود ولا العدم) وهذا قول بعض المعتزلة في صفاته تعالى إنَّها أمورٌ زائدةٌ على ذاته، لاهي الموصوف ولا غيره، ولا محدثة ولا قديمة، ولا موجودة ولا معدومة؛ وهي كالمزايا كما سبق.
  ولذلك قال #: في الإشارة إلى تشبيه هذه الأقوال الباطلة بمخض الماءِ الذي لا يفيد شيئاً (ولله دَرُّ القائل:
  وبعض القول ليس له عِناجٌ ... كمخضِ الماءِ ليس له إتاءُ)
  أي: ليس له زُبْدٌ.
فصل [في ذكر الحد]
  (والحدُّ لغةً: طرَفُ الشيء) يقال: هذا حدُّ كذا، أي: طرفه، (وشفرةُ نحوِ السيف، والمنعُ) فشفرة السيف حدّه، أي قدر ما يقطع به، والشَفرَةُ بالفتح السكين العظيم؛ والحدُّ أيضاً: المنع، يقال: حدَّه، أي: منعه، ومنه سُمِّيَ البوابُ حدَّاداً لمنعه الداخل والخارج.
  (واصطلاحاً: قولٌ يُشرحُ به اسم، أو تُتَصَوَّرُ به ماهية).
  (فالأول) وهو ما يشرح به اسم: (نحو قوله تعالى: {رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا}[الشعراء: ٢٤] أي: هو ربُّ جميع الأجناس التي هي السماوات والأرض وما بينهما، في جواب فرعون في قوله: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء: ٢٣] أيْ: أَيُّ جنس ربُّ العالمين؟) فأجابه بما حكاه الله سبحانه: {رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ}.
  (والثاني) وهو ما يُتصوَّر به ماهيَّة: (نحو قولهم) في حد الإنسان: (الإنسانُ حيوانٌ ناطقٌ).
  (ويرادفه لفظ الحقيقة والماهيَّة) أي: حدُّ الشيء وحقيقته وماهيته شيءٌ واحدٌ.