لباب الأكياس في توضيح معاني الأساس لعقائد الأكياس،

لا يوجد (معاصر)

فصل [والله سميع بصير]

صفحة 39 - الجزء 1

فصل [والله سميع بصير]

  (والله سميع بصير) لا خلاف في وصفه جل وعلا بهما، وإنما وقع الخلاف في معناهما.

  فقال (جمهور أئمتنا $ والبغدادية: وهما بمعنى عالم) وكذلك سامع ومبصر ومدرك فإنَّها أسماء مترادفة بمعنى عالم في حقه تعالى.⁣(⁣١)

  وقال (بعض أئمتنا $ وبعض شيعتهم، والبصرية:) من المعتزلة (بل بمعنى حي لا آفة به).

  (قلنا: السميع: حقيقة لُغوية مستعملة لمن يصح أن يُدرك المسموعَ بمعنى محله الصّماخ) أي: ثقب الأذن.

  (والبصير: حقيقة كذلك لمن يصح أن يُدرك المبصرَ بمعنى محله الحدق) أي سواد العين.

  (والله سبحانه ليس كذلك) أي: ليس بذي آلة ولا تحله الأعراض، وأمَّا قولهم إنهما بمعنى حي لا آفة به فهو قول خارج عن لغة العرب فلا يصح التفسير به، (فلم يبقَ إلا أنهما بمعنى عالم وقد قال تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُون}) [الزخرف: ٨٠] فصرح سبحانه بأنه يسمع السِّرَّ (والسِّرُّ: إضمارٌ في القلب غيرُ صوتٍ) بدليل عطف النجوى عليه وكما (قال الله تعالى: {فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ}) [يوسف: ٧٧] أي: أسر الكلمة وأخفاها في نفسه ولم يتكلم بها وهي قوله {أنتم شرٌّ مكاناً}.

  (قالوا:) أي: من خالفنا من المعتزلة ومن تابعهم (بل هما حقيقة كذلك) أي: لُغوية (لمن يصح أن يُدركَ المسموعَ والمبْصَرَ بالحياة) سواء في حقنا أو في حق الله تعالى.

  (قلنا: الأعمى والأصم حَيَّان، و) هما (لا يدركان المسموع والمبصر) فلو كانت الحياةُ مقتضيةً للإدراك كما زعمتم، لأدركا المسموع والمبصَر؛ لوجودها فيهما.


(١) عبر الله سبحانه عن علمه بالأصوات وما شابهها مما يدركه المخلوق بحاسة السمع بكلمة سميع، وعن علمه بالأشخاص والهيئات وما شاكلها مما يدركه المخلوق بحاسة البصر بكلمة بصير، لمَّا كان المخلوقُ لا يعقل إدراك الأصوات ونحوها إلا بحاسة السمع، ولا يدرك الأشخاص إلا بحاسة البصر، فأجرى سبحانه كلمة (سميع بصير) على إدراكه المسموع والمبصر أي علمه بهما، على سبيل التوسع والمجاز تحقيقاً لما يعقله المخلوق. والعلاقة هنا السببية، فهو من المجاز المرسل. من عدة الأكياس وغيره بتصرف.