لباب الأكياس في توضيح معاني الأساس لعقائد الأكياس،

لا يوجد (معاصر)

تقديم

صفحة 5 - الجزء 1

  مع أني لم آتِ بشيءٍ جديد وإنَّما هو في الحقيقة تحصيل حاصل لِمَا قد وضعه المتكلمون الأوائل من أئمتنا الأعلام وأسلافنا الأخيار رضوان الله عليهم أجمعين، وأكثر ما اعتمدت فيما زبرته من تلك التعليقات على كتاب (عدة الأكياس المنتزع من شفاء صدور الناس).

  وهم ... بعلومهم تلك عرفوا العباد بالله، وبأقوالهم حصنوا الأجيال من العقائد الباطلة، وما (كتاب الأساس) إِلَّا نموذجاً خالداً لأقوالهم السديدة، وعقيدتهم الصحيحة، وثمرة يانعة من تلك الثمار الطيبة التي أثمروها لهذه الأمة في معرفة الخالق جل وعلا.

  ولهذا اتحفنا المؤلف بهذا الكتاب المبارك الذي هو كرامة لطالبه فهو بحقٍ كما وسمه بقوله:

  هذا الأسَاسُ كرامةً فتلقَّهُ ... يا صاحبي بِكَرَامةِ الإنصافِ

  واحرِزْ نفيساً من نفائسِ نَثْرِهِ ... جُمِعَتْ بغوصٍ في فراتٍ صافِي

  جمعَ المهيمنُ بيننا في دِيْنِهِ ... جمعاً يفي بإصابةٍ وتَصَافِي

  وبهذا ومن خلال ذلك فإنَّهم أفادوا الأُمّةَ، بمصنفاتهم الفائقة، وشروحاتهم الواضحة، وأقوالهم البينة، بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة، والحجج المنيرة لأهل العقول البصيرة، ولم يدخروا جهداً في إفادة المتعلم وإرشاد المسترشد، وتنوير المستبصر، وتعريف المكلف بالله وتنزيهه سبحانه عن صفات خلقه؛ لأنَّ المعرفة من جميع العلوم الرأس والأساس.

  وعلى الجملة فإن من نظر في حال أسلافنا الأخيار من أئمتنا الأبرار، وشيعتهم الأخيار وجدَهم جميعاً من أولهم إلى آخرهم متفقين في الأصول جملةً وتفصيلاً، لا يختلفون في شيء من ذلك، وإن حصلَ شيءٌ فإنّما هو خلافٌ في بعض الألفاظ أمَّا المعنى فواحدٌ، كما لا يخفى ذلك على أولي الألباب.

  وقد صرحوا بذلك في كتبهم، وبينوه في خطبهم، وممَّا يؤكد ذلك ويدل عليه خطب أمير المؤمنين علي # في صفات الله وتوحيده وعدله ... إلخ، كما هو مذكور في نهج بلاغته.

  وفي هذا دلالةٌ واضحةٌ على أنَّهم أهلُ الحقِ وأنَّ الحقَ في الأصول واحدٌ، فصار هذا إجماعاً منهم على ذلك وإجماعهم حجة عندنا لا تجوز مخالفته للأدلة القاطعة بتحريم مخالفة الإجماع؛