تمهيد [في الحقيقة والمجاز]
  قال # (قلت وبالله التوفيق: وتصح) أي: الحقيقة الشرعية (بغير نقل) عن معنى لُغوي (كرحمن على ما سيأتي إن شاء الله تعالى) أنه حقيقة دينية غير منقول؛ إذ لم يطلق إلا على الله.
  وقال (الباقلاني وبعض المرجئة: لم تقع) الحقيقةُ الشرعيةُ وإن أمكن وقوعُها، وقالوا: إنَّ لفظَ الصلاةِ باقٍ على معناه اللُغوي.
  (قلنا: الصلاة لغة الدعاء، وقد صارت للعبادة المخصوصة) فلا يفهم من إطلاق لفظ الصلاة إلا العبادة المخصوصة، وذلك حقيقة النقل.
  (قالوا: إنما صارت كذلك بعرف أهل الشرع لا بنقل الشارع؛ لأنه إنما أطلق ذلك) أي لفظ الصلاة (عليها) أي: على العبادة المخصوصة (مجازاً فقط، فهي حينئذٍ عرفية خاصة لا شرعية).
  (قلنا:) المعلوم أن الشارع (أطلقه عليها) أي: أطلق لفظ الصلاة على العبادة المخصوصة (وخَصَّها به، ولم يعهد لها اسم قبله) أي: قبل إطلاق لفظ الصلاة (خاص) لها (وذلك حقيقة وضع الحقائق لا التَّجَوُّز) الذي ادعوه (وإلَّا) يكن إطلاق لفظ الصلاة على العبادة المخصوصة حقيقة شرعية كما ذكرنا (لكان كلَّما وضع من الأسماء لمعنى) في اللغة (عند ابتداء الوضع مجازاً) غير حقيقة، والمعنى في ذلك: أنه كما صح دعواكم أن الشارع لم يطلق لفظ الصلاة على العبادة المخصوصة إلا تجوزاً، فكذلك تصح دعوى من يقول: إن لفظ الأسد لم يرد به الحيوان المفترس من حين ابتداء وضعه إلا مجازاً (ولا قائل به) أي: ولا قائل بأن ما وضع من الأسماء عند ابتداء الوضع يكون مجازاً.
  (ومن جزئياتها) أي: ومن أفراد مسمَّيات الحقيقة الشرعية: الحقيقة (الدينية وهي: ما نقله الشارع إلى أصول الدين نحو مؤمن) فإنَّ الإيمانَ في اللغة: التصديق، وقد نقله الشارع إلى من أتى بالواجبات واجتنب المقبحات كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
  وقال (الشيرازي، وابن الحاجب: لم تقع) أي: الدينية، بل هي باقيةٌ على معناها اللُّغوي، ولذلك حكموا بأنَّ المؤمنَ هو المُصَدِّقُ، وأنه من أهل الجنة.