فصل [في بيان الفرق بين صفات الذات والفعل]
فصل [في بيان الفرق بين صفات الذات والفعل]
  قال #: (وصفاتُ الذاتِ) هي التي يستحقها تعالى بذاته، أي: من حقيقة ذاته لا باعتبار أمر يفعله، وهو متصف بها في الأزل (نحو: قادر) وعالم وحي وأول وسميع وبصير وقديم.
  وأمَّا صفات الفعل فهي التي يستحقها تعالى باعتبار أمر يفعله، ولا يوصف بها إلا بعد وجود الفعل نحو خالق ورازق، وهي أيضاً ما يصح إثباتها ونفيها.
  ولهذا قال (المرتضى #: وصفات الفعل ما يصح إثباتها ونفيها نحو: خالق لخلقه تعالى) فهذه صفة إثبات، (غيرُ خالقٍ للمعاصي) وهذه صفة نفي عنه تعالى.
  (واختلف في مسألتين: الأُولى: مالك ورب).
  فقال (المهدي # وغيره: وهما صفة ذاتية) له تعالى؛ (إذ هما بمعنى قادر).
  وقال (البلخي: بل هما صفة فعل؛ لأن المالك لا يكون إلَّا بعد وجود المملوك)، (والرب من التربية، ولا يكون إلَّا بعد وجود المربىَّ) فلا يوصف تعالى عنده بهما في الأزل.
  قال #: (والحق أنهما صفتا ذات لا بمعنى قادر) كما ذكره المهدي #؛ (إذ لا يدلان على معنى قادرٍ مطابقةً) أي: بدلالة المطابقة وهي: دلالة اللفظ على تمام ما وضع له (بل) يدلان على معنى قادر (التزاماً) أي: بدلالة الالتزام وهي: دلالة اللفظ على لازم ما وضع له (كعالم) فإنَّه يدلُ على فاعلِ الفعل المحكَم مطابقةً، وعلى قادر التزاماً؛ لأن من لازم الحكيم أن يكون قادراً (ولا قائل بأن عالماً بمعنى قادر) لاختلاف معناهما.
  (وليستا) أي: مالك ورب (بصفَتَيْ فعلٍ) كما ذكره البلخي (لثبوتهما لغةً لمن لم يفعل ما وضعا له من حيث يقال: فلان رب هذه الدار وإن لم يصنعها أو يزد فيها أو ينقص، وفلان مالك ما خلَّف أبوه وإن لم يُحدث فعلاً) فيما خلفه أبوه، (فهما) حينئذٍ (صفتا ذات له تعالى باعتبار كون المملوك له فقط) أي: من غير اعتبار فعل.
  (وهما حقيقتان قبل وجود المملوك قطعاً لا مجازاً؛ لما سيأتي إن شاء الله تعالى) في مسألة خالق ما سيكون، من كونه يصح إطلاق المشتق حقيقة على صاحبه قبل أن يحصلَ الفعلُ.