فصل [في بيان الفرق بين صفات الذات والفعل]
  (والثانية) من المسألتين المختلف فيهما: (حليم، وغفور).
  فقال (أبو علي: وهما من صفات الفعل، أي:) يرجعان إلى الإثبات، بمعنى أنه تعالى (فاعل للعصاة ضد الانتقام) أي: ضد المعاقبة (من إسبال النعم، والتمهيل، وقبول توبة التائب) منهم.
  وقال (أبو هاشم: بل) هما (صِفَتَا نفي، أي:) راجعتان إلى النفي بمعنى أنه (تارك الانتقام) من العصاة عقيب عصيانهم، أي: لا يعجل بالانتقام منهم.
  قال #: (قلت: وهو الحق؛ لأنه معناه لغةً) أي: في لغة العرب؛ لأنَّهم يقولون: حلم فلانٌ عن فلان، أي: لم يعاقبه أو لم يعجِّل بعقوبته، وكذلك غفر له، أي: لم يعاقبه.
فرع
  (والله خالق ما سيكون حقيقة، وفاقاً لبعض أهل العربية وأبي هاشم، فلا يفتقر) إطلاقه على الله سبحانه وتعالى (إلى السمع)؛ لكونه حقيقة.
  وقال (الجمهور: بل مجاز) في حقه تعالى وفي غيره؛ (لعدمِ حصولِ معنى المشتق منه وهو الخلق، ولِافتقارِهِ إلى القرينةِ) هذا فيما كان مستقبلاً، بخلاف الحال والماضي فهو يطلق عليه حقيقة.
  قال #: (قلنا: الاشتقاق لا يفتقرُ إلى حصول معنى المشتق منه؛ إذ ليس) حصوله (بمؤثر فيه) أي: في صحة الاشتقاق، (بل للواضع أن يشتق من اسم ما سيحصل له مثل تسميته له) أي: لِمَا سيحصل فكما صح تسمية الواضع لِمَا سيحصل كذلك يصح الاشتقاق بما سيحصل (ولا مانع) من ذلك، (وقد حصل) ذلك الاشتقاق في نحو: زيد ضارب غداً، والله خالق يوم القيامة (حيثُ يطلق) ضارب وخالق (على المشتق له قبل حصول معنى المشتق منه، وحالَه وبعدَه على سواءٍ، ونصب القرينة لا بُدَّ منها لكل واحدٍ من الثلاثة) المعاني: الماضي والحال والاستقبال (عُرِفَ ذلك بالاستقراء، وليس ذلك) أي: نصب القرينة (إلا للاشتراك فقط) أي: لكونه اسماً مشتركاً بين الثلاثة المعاني كالقرء والعين، (ففي دعوى