أسئلة على ما تقدم
  وَأقول: للعطفِ معنيانِ: أحدُهمَا لغويٌّ، والآخرُ اصطلاحيٌّ. أمَّا معنَاهُ لُغةً فهُوَ الميلُ، تقُولُ: عطفَ فلانٌ عَلَى فلانٍ يعطفُ عطفاً، تريدُ أنَّهُ مالَ إليهِ وأشفقَ عَلَيْهِ. وأمَّا العطفُ فِي الاصْطِلاحِ فهُوَ قسمانِ: الأوَّلُ: عطفُ البيانِ، والثَّانِي عطفُ النَّسَقِ.
  فأمَّا عطفُ البيانِ فهُوَ «التَّابعُ الجَامدُ الموضِّحُ لمتبوعِهِ فِي المعارفِ المخصِّصُ لهُ فِي النّكراِتِ» فمِثالُ عطفِ البيانِ فِي المعارفِ «جَاءَنِي مُحَمَّدٌ أَبُوكَ» فَأَبُوكَ: عطفُ بيانٍ عَلَى محمدٍ، وكلاهُمَا معرفةٌ، والثَّانِي فِي المِثالِ موضِّحٌ للأوَّلِ، ومِثَالُهُ فِي النّكراتِ قوْلُهُ تعالَى: {مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ ١٦} فصديدٌ: عطفُ بيانٍ عَلَى ماءٍ، وكلاهُمَا نكرةٌ، والثَّانِي فِي المِثالِ مخصِّصٌ للأوَّلِ.
  وأمَّا عطفُ النَّسَقِ فهُوَ «التَّابعُ الذي يتوسَّطُ بينَهُ وبيْنَ متبوعِهِ أَحَدُ الحروفِ العَشَرَةِ»، وهذِهِ الحروفُ هِيَ:
  ١ - الوَاوُ، وَهِيَ لمطلقِ الجمعِ؛ فَيُعْطَفُ بهَا المتقاربانِ، نحوُ: «جاءَ مُحَمَّدٌ وعلِيٌّ» إذَا كانَ مجيئُهُمَا معاً، ويُعْطَفُ بهَا السَّابقُ عَلَى المتأخِّرِ، نحوُ: «جاءَ عليٌّ ومحمودٌ» إذَا كانَ مجيءُ محمودٍ سابقاً عَلَى مجيءِ عليٍّ، ويُعْطَفُ بهَا المتأخِّرُ عَلَى السَّابقِ نحوُ: «جَاءَ عَلِيٌّ وَمُحَمَّدٌ» إذَا كانَ مجيءُ مُحَمَّدٍ متأخِّراً عن مجيءِ عليٍّ.
  ٢ - الفاءُ، وَهِيَ للترتيبِ والتّعقيبِ، ومعْنَى التّرتيبِ: أنَّ الثَّانِي بعْدَ الأوَّلِ، ومعْنَى التّعقيبِ: أنَّهُ عَقِيبُهُ بلا مُهْلةٍ، نحوُ: «قَدِمَ الفُرْسَانُ فَالمُشَاةُ» إذَا كانَ مجيءُ الفرسانِ سابقاً ولَمْ يكُنْ بيْنَ قدومِ الفريقينِ مُهْلةٌ.
  ٣ - ثمَّ، وَهِيَ للترتيبِ مَعَ التّراخِي، ومعْنَى التّرتيبِ قدْ سبَقَ، ومعْنَى التّراخِي: أنَّ بيْنَ الأوَّلِ والثَّانِي مُهلةً، نحوُ: «أَرْسَلَ اللَّهُ مُوسَى ثُمَّ عِيسى ثُمَّ مُحَمَّداً عَلَيِهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ».