التحفة السنية شرح المقدمة الآجرومية،

محمد محيي الدين (المتوفى: 1393 هـ)

ألفاظ التوكيد المعنوي

صفحة 116 - الجزء 1

  وحُكمُ هذَا التَّابعِ أنَّهُ يوافقُ متبوعَهُ فِي إعرابِهِ، عَلَى معْنَى أنَّهُ إنْ كانَ المتبوعُ مرْفُوعاً كانَ التَّابعُ مرْفُوعاً أيضاً، نحْوُ: «حَضَرَ خَالِدٌ نَفْسُهُ» وإنْ كانَ المتبوعُ مَنْصُوباً كانَ التَّابعُ مَنْصُوباً مثلَهُ، نحوُ: «حَفِظْتُ القُرْآنَ كُلَّهُ» وإنْ كانَ المتبوعُ مخفوضاً كانَ التَّابعُ مخفوضاً كذلكَ، نحوُ: «تَدَبَّرْتُ فِي الكِتَابِ كُلِّهِ» ويتبعُهُ أيضاً فِي تعريفِهِ، كمَا ترَى فِي هذِهِ الأمثْلِةِ كلِّهَا.

ألفاظ التوكيد المعنوي

  قَالَ: وَيَكُونُ بِأَلْفَاظٍ مَعْلُومَةٍ، وَهِيَ: النَّفْسُ، وَالعَيْنُ، وَكُلُّ، وَأَجْمَعُ، وَتَوابِعُ: أَجْمَعُ، وَهِيَ: أَكْتَعُ، وَأَبْتَعُ، وَأَبْصَعُ، تَقُولُ: قَامَ زَيْدٌ نَفْسُهُ، وَرَأَيْتُ القَوْمَ كُلَّهُمْ، وَمَرَرْتُ بَالْقَوْمِ أَجْمَعِينَ.

  وَأقول: للتوكيدِ المعنويِّ ألفاظٌ معيَّنةٌ عَرَفَهَا النّحاةُ مِن تتبُّعِ كلامِ العربِ، ومنْ هذِهِ الألفاظِ: النَّفسُ والعينُ، ويجبُ أن يُضافَ كلُّ واحدٍ مِن هذينِ إلَى ضميرٍ عائدٍ عَلَى المؤَكَّدِ - بفتحِ الكافِ - فإنْ كانَ المُؤكَّدُ مفرداً كانَ الضَّميرُ مفرداً، ولفظُ التّوكيدِ مفرداً أيضاً، تقُولُ: «جَاءَ عَلِيٌّ نَفْسُهُ»، و «حضرَ بكرٌ عينُهُ» وإنْ كانَ المؤكَّدُ جمعاً كانَ الضّميرُ هُوَ الجمْعَ ولفظُ التّوكيدِ مجموعاً أيضاً، تقُولُ: «جاءَ الرّجالُ أنفسُهُمْ» و «حضرَ الكتُّابُ أعينُهُمْ»، وإنْ كَانَ الْمُؤَكَّدُ مثَنًّى؛ فالأفصحُ أن يكونَ الضَّميرُ مثنًّى، ولفظُ التّوكيدِ مجموعاً، تقُولُ: «حضرَ الرَّجُلانِ أنْفُسُهُمَا» و «جَاءَ الكاتبانِ أَعْيُنُهُمَا».

  ومنْ ألفاظِ التّوكيدِ: «كلٌّ»، ومثلُهُ «جميعٌ» ويشترطُ فيهمَا إضافةُ كلٍّ منهمَا إلَى ضميرٍ مطابقٍ للمؤكَّدِ، نحوُ: «جَاءَ الجَيْشُ كُلُّهُ» و «حَضَرَ الرِّجَالُ جَمِيعُهُمْ».

  ومن الألفاظِ «أَجْمَعُ» ولا يُؤَكَّدُ بهذَا اللفظِ غالباً إلاَّ بعْدَ لفظِ «كلٍّ» ومن الغالبِ قوْلُهُ تعالَى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ٣٠}، ومنْ غيرِ الغالبِ قولُ الرَّاجزِ: